بسم الله الرحمن الرحيم

صفحتنا بيضاء نقية أبية

هجمــــة

صفر 1431هـ / فبراير 2010 م

 

((قضيتنا ... وقف الظلم))

((الإفراج من الله))

4 شعبان 1431هـ - 16 يوليو 2010 م

“ ومالنا ألا نتوكل على الله، وقد هدانا سبلنا، ولنصبرن على ما آذيتمونا وعلى الله فليتوكل المؤمنون “

سورة إبراهيم 12

*******

في الثالث والعشرين من شهر يوليو الجاري يستحق المهندس خيرت الشاطر نائب المرشد العام وإخوانه في القضية العسكرية الإفراج لنصف المدة، إلا أن خصومة النظام المصري غير المبررة مع جماعة الإخوان المسلمين قد تحول دون تحقيق ذلك مما يبرهن على خطورة استمرار حالة الطوارئ والانسداد السياسي التي تعيشها مصر، ويؤكد الإخوان المسلمون على ضرورة الإفراج عن المهندس خيرت الشاطر وإخوانه حسن مالك وصادق الشرقاوي واحمد شوشة وأحمد أشرف المسجونين طبقا لأحكام القضية العسكرية بعد مرور نصف المدة طبقا للقانون ، وضرورة أن يراجع النظام نفسه فى مخالفته للقانون والدستور ضد الإخوان المسلمين، باستثناء قضاياهم من مثل هذه القرارات، ويطالب الإخوان المسلمون منظمات حقوق الإنسان والمجتمع المدني المهتمة بالعدل والحرية أن يطالبوا النظام المصري أن يتدارك خطيئته بتحويل قيادات الجماعة للمحاكم العسكرية بعد قرار محكمة الجنايات لمرتين متتاليين بالإفراج عنهم.

كما يؤكد الإخوان أن إحالة ما يُسمى بقضية التنظيم الدولى إلى محكمة استثنائية (أمن الدولة العليا طوارئ) هو استمرار لنفس السياسة التى تحرم الإخوان المسلمين من حقهم الدستورى فى التقاضى أمام قاضيهم الطبيعى ، كما يؤكدون أن هذه المحكمة غير مختصة ويعطيها الدستور والقانون الحق فى رفض نظر هذه القضية من تلقاء نفسها .

*******

استمرار حبس الشاطر.. الاستثناء الظالم

حافظ أبو سعدة: "الداخلية" تنحِّي القانون عند التعامل مع الإخوان

د. مجدي عبد الحميد: الإفراج واجب مساواةً بالدكتور أيمن نور

نجاد البرعي: الخصومة السياسية تحكم القضية وليس القانون

عبد الله خليل: لا بد من تطبيق شروط الإفراج بشفافية كاملة

"الإفراج عن عدد من المعتقلين بمناسبة أعياد أكتوبر"، "الإفراج عن مئات المساجين لظروفهم الصحية".. قرارات جمهورية ووزارية تصدر في الأعياد والمناسبات الدينية والوطنية لمساجين قضوا نصف مدة العقوبة، وآخرين مرضى لا يتحمَّلون وطأة السجون، ولكن بالطبع تخلو قوائم تلك القرارات- دائمًا- من معتقلي الإخوان المسلمين أو المحبوسين على ذمة قضايا عسكرية ملفقة... ولم تقتصر تلك القرارات على القتلة وتجار المخدرات الذين بلغ عدد المفرج عنهم في 23 يوليو 2008م (1575)، ولكن تعدتها إلى حدِّ الإفراج عن الجواسيس الصهاينة، مثلما حدث مع الجاسوس الصهيوني عزام عزام في 2004م، والذي أفرج عنه بموجب عفو رئاسي بعد قضائه نصف مدة العقوبة!.

وتحلُّ علينا خلال في تلك الأيام ذكرى مرور 3 سنوات ونصف السنة على المهندس خيرت الشاطر نائب المرشد العام وإخوانه المحبوسين على ذمة القضية العسكرية الأخيرة، وهي الفترة التي تعادل نصف مدة عقوبة الشاطر ورجل الأعمال حسن مالك، فضلاً عن اقترابنا من ثلاثة أرباع مدة عقوبة 3 آخرين، هم آخر المتبقين على ذمة القضية، وهم: أحمد أشرف، وعبد الرحمن صادق الشرقاوي، وأحمد شوشة.

الأسباب والحالات التي يتم بموجبها الإفراج عن المحبوسين والمعتقلين في تلك المناسبات، نجدها لا تتوفر في أحد بقدر ما تتوفر في قيادات الإخوان المسلمين، فلا أحد يتمتع بحسن سير وسلوك داخل محبسه يوازي ما يتمتعون به؛ وذلك بشهادة كل المختلطين بهم من المساجين الجنائيين والقائمين على شئونهم في سجن مزرعة طرة من ضباط وأمناء وأفراد شرطة.

أما الإفراج الصحي فقد أثبتت آخر التقارير الطبية عن حالة الشاطر وجود تضخم زائد في عضلة القلب وانسداد في الشرايين وقصور في الشريان التاجي؛ وارتفاع شديد في ضغط الدم، وارتفاع حادٍّ في السكر، فضلاً عن التهابٍ شديدٍ في الأعصاب؛ يضاف إلى كل ذلك إصابته القديمة والشهيرة بالكسل في الغدة الدرقية، بخلاف معاناته التي لا تنقطع من التراكم المستمر في تكوين الحصوات على الكلى.

كل تلك الوقائع تؤكد ما اعتبره مراقبون استخدامًا سياسيًّا للعفو، واستثناءً للمعارضين والخصوم السياسيين، وفي طليعتهم الإخوان المسلمون، من حقٍّ كفله لهم الدستور والقانون وحرمهم النظام من التمتع به.

حملة حقوقية

بدايةً شنَّ حافظ أبو سعدة رئيس المنظمة المصرية وعضو المجلس القومي لحقوق الإنسان هجومًا حادًّا على وزارة الداخلية، واتهمها بالتعنُّت ضد الشاطر وإخوانه وتعمّد التفرقة بينهم وبين نظرائهم، سواء من السياسيين أو الجنائيين.

وأكد أن الحالة الصحية المتدهورة للشاطر وإخوانه تستوجب الإفراج الصحي عنهم، بعد مرور نصف المدة على اثنين منهم، مشيرًا إلى الإفراج الصحي عن الدكتور أيمن نور زعيم حزب الغد بنصف المدة في قضية التوكيلات المزوَّرة.

وشدَّد أبو سعدة على ضرورة المساواة في تعامل الحكومة مع كلِّ السجناء بغضِّ النظر عن أسباب سجنهم أو المحكمة التي قضت عليهم بالحبس، موضحًا أن البعد السياسي للقضية يتحكَّم فيها بشكلٍ فجٍّ، ويجعل وزارة الداخلية تحيد عن تطبيق مبادئ حقوق الإنسان وتنحية القانون عند التعامل مع معتقلي الإخوان...وأشار إلى أن قواعد المحاكمات العسكرية للإخوان كانت ظالمةً منذ بدايتها؛ نظرًا لافتقارها لأدنى معايير حقوق الإنسان الواردة في المواثيق والمعاهدات الدولية التي صادقت عليها مصر، "ولذلك فليس من الغريب أن تتناقض أية مرحلة من مراحل تلك الفترة مع الدستور والقانون"... وأكد أن المنظمة المصرية سوف تتبنَّى خلال الفترة المقبلة حملةً حقوقيةً؛ للمطالبة بالإفراج الصحي عن خيرت الشاطر وإخوانه، بعد دراسة التقارير الطبية الرسمية المعتمَّدة من مستشفى المنيل الجامعي أو مستشفى سجن مزرعة طرة، والتي تظهر حجم معاناتهم وتفسِّر الأمراض التي يعانون منها، وحالتهم الصحية في الوقت الحالي، لتقديمها إلى الجهات المعنية.

خصومة سياسية

يقول نجاد البرعي رئيس مجلس إدارة المجموعة المتحدة والناشط الحقوقي: إن استثناء قيادات الإخوان من قرارات العفو الرئاسي والوزاري يأتي لكونهم خصومًا سياسيين للنظام الذي يلجأ إلى الانتقام منهم، واستخدام عصا الأمن لمواجهتهم وحرمانهم من أبسط حقوق نصَّ عليها الدستور في الإفراج عنهم لحسن سيرهم وسلوكهم أو لحالتهم المرضية.

وحول دور المنظمات الحقوقية في القضية أكد أن كل النشطاء فعلوا ما بوسعهم لإدانة واستنكار المحاكمات العسكرية من بدايتها، ولم يتبقَّ أمامهم سوى حمل السلاح لإجبار النظام على الاستجابة لمطالبهم... وأضاف البرعي: "إن الأزمة في مصر أن لدينا نظامًا وضع يديه في أذنيه ولا يسمع لأحد، ولا ينفِّذ إلا ما يراه تأمينًا لوجوده واستمراره، كما لا يقيم وزنًا لمبادئ حقوق الإنسان".

واتهم القوى والأحزاب السياسية بتجاهل القضية العسكرية الأخيرة للإخوان ومعتقلي الجماعة خلال الفترة الماضية، مرجعًا ذلك إلى خلط تلك القوى بين المنافسة السياسية مع الإخوان كفصيلٍ معارضٍ وبين المسائل التي تتعلق بالمبادئ؛ حيث يطال ظلم النظام الإخوان باعتبارهم جزءًا من المعارضة الوطنية التي يجب أن يقفوا معها في خندق واحد.

المساواة

ويطالب الدكتور مجدي عبد الحميد رئيس الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية وزارة الداخلية بسرعة الإفراج عن الشاطر وإخوانه، بعد مرور نصف المدة على حبسه؛ نظرًا لحالته الصحية المتأخرة وتطوراتها السلبية... ودعا إلى مساواة الشاطر وغيره من المعتقلين السياسيين بنظرائهم من الجنائيين في الإفراج بمرور نصف المدة، مشيرًا إلى أن النائب العام أمر بالإفراج عن الدكتور أيمن نور بمرور نصف المدة؛ نظرًا لحالته الصحية.

وحول صلاحيات وزير الداخلية بموجب القانون للإفراج عن قيادات الإخوان، أكد عبد الحميد أن القضية العسكرية الأخيرة للإخوان سياسية بامتياز، وأن القضايا السياسية لا يتم الفصل فيها إلا بقرار سياسي ممن اتخذ قرار المحاكمة...وشدَّد على أن القانون غائبٌ تمامًا في تلك القضية ولا يستطيع أحد أن يضعه حكمًا فيها؛ حيث تتناقض المحاكمات العسكرية للمدنيين مع أبسط حقوق المتهمين الواردة في المواثيق والمعاهدات الدولية التي صادقت عليها مصر.

ونفى د. عبد الحميد إهمال المنظمات الحقوقية ومؤسسات المجتمع المدني لقضية الشاطر وإخوانه، موضحًا أن تتابع الانتهاكات والخروقات الأمنية لحقوق الإنسان وانتشار التعذيب وغيره من التجاوزات؛ هو الذي يضطر المنظمات إلى تناول القضايا الجديدة التي تشغل الرأي العام.

تمييز

ويعتبر عبد الله خليل الخبير القانوني بالأمم المتحدة أن استمرار حبس الشاطر وإخوانه بسبب آرائه السياسية ومعتقداته وأفكاره مخالفةٌ لمبدأ حظر التمييز وإخلالٌ بمبدأ المساواة في إقامة العدل... وطالب خليل الحكومة بتطبيق المساواة في التعامل مع كافة المسجونين السياسيين والجنائيين فيما يتعلق بقواعد الإفراج الصحي التي أوجبها القانون والمواثيق الدولية، قائلاً: "لا بد من تطبيق هذه الشروط بشفافية ومساواة كاملة".

ويقول إن إحالة المدنيين في الأساس لمحاكم عسكرية نظرًا لأفكارهم أو معتقداتهم السياسية مخالفٌ لضمانات المحاكمة العادلة الواردة في كل المعايير الدولية؛ على اعتبار أنها محاكم استثنائية وليست محاكمةً أمام قاضٍ طبيعيٍّ...

ويرجع عبد الله خليل أزمة المحاكمات العسكرية إلى استمرار العمل بقانون الطوارئ في مصر، فضلاً عن التعديلات الدستورية الأخيرة التي أعطت لرئيس الجمهورية صلاحيات واسعة؛ لدرجة حقِّه في إحالة أيِّ شخص في أي وقت لأية تهمة إلى محكمة استثنائية يتمتع هو فقط بحق إنشائها أيضًا؛ وذلك طبقًا للمادة 179 من الدستور بعد التعديلات الأخيرة.

*******

إخوان العسكرية ونصف المدة.. عنصرية النظام!

- المستشار الخضيري: شعبية الجماعة المتنامية وثقلها سبب الإقصاء

- د. عمار حسن: اتهامات باطلة في الأصل.. كيف يصاحبها إعفاءات؟!

- د. أيمن نور: الإخوان رموز للإصلاح وبقاؤهم في المعتقلات يخدم النظام

- عبد الحليم قنديل: الشاطر وإخوانه لا يقضون عقوبات لأنهم مخطوفون

- أبو العز الحريري: الجميع يشهد للإخوان بحسن سلوكهم داخل المعتقلات

- د. عاطف البنا: التمييز بين المسجونين مخالفة للقانون وإغفال لمبدأ المساواة

 أجمع خبراء وسياسيون على أن تغييب قيادات الجماعة المحاكمين عسكريًّا خلف أسوار السجون وإقصاءهم من الإعفاءات والإفراجات الصحية والإفراجات في المناسبات الوطنية والأعياد رغم قضائهم نصف المدة يعدُّ حربًا غير نظيفة من النظام ضد جماعة الإخوان المسلمين الذي يراها النظام حجرًا عثرة ضد تمرير عملية التوريث المزعومة؛ نظرًا لشعبيتهم الجارفة وثقلهم الكبير في الشارع المصري.

وأكدوا أن هاجس الخوف الشديد من الإخوان المسلمين جعل النظام يتعامل معهم بطريقة لا أخلاقية، سواء بتحويلهم إلى محاكم عسكرية بعد أن برَّأهم القضاء المدني من تلفيقات النظام، أو بمصادرة أموالهم، وحريتهم وتغييبهم لسنوات طوال خلف أسوار السجون دون ذنب أو جريرة اقترفوها، موضحين أن عداء النظام للإخوان امتدَّ إليهم داخل السجون ليحرمهم من كل حقوق السجناء الطبيعية مثل الإفراجات الصحية، وفي المناسبات الوطنية والأعياد، وبعد قضاء نصف المدة، والتي يتمتع بها اللصوص والقتلة وتجار المخدرات وحتى الجواسيس.

وشددوا على أحقية قيادات الإخوان في الحصول على كل الإعفاءات والامتيازات التي أُقرت للسجناء طبقًا للدستور المصري الخاص بقوانين السجون الذي ينصُّ على وجوب الإفراج بعد نصف المدة عن السجناء الذين يتحقق حسن سيرهم وسلوكهم خلال فترة الحبس، مؤكدين أن الإخوان من أفضل الناس أخلاقًا في الداخل والخارج، ومن أشدِّ الناسِ التزامًا بالقوانين.

يقول المستشار محمود الخضيري نائب رئيس محكمة النقض السابق إن إصرارَ النظام على عدم الإفراج عن قيادات الإخوان المسلمين المحبوسين في القضية العسكرية بعد قضائهم لنصف المدة، يرجع لقوة جماعة الإخوان المسلمين التي تمثل أكبر فصيلٍ سياسي معارض للنظام، وثقلها الكبير في الشارع المصري، مشيرًا إلى أن النظام المصري يصرُّ على تغييب قيادات الجماعة في السجون لتخوفه الشديد من زيادة قوة الإخوان، ومن ثَمَّ زيادة تمددهم وانتشارهم في الشارع المصري.

ويضيف أن تعنت النظام مع أعضاء جماعة الإخوان المسلمين دون غيرهم من باقي التيارات السياسية الأخرى يرجع إلى أن جماعة الإخوان تقوم بأداء سياسة صحيحة حقيقية لها وزنها، وأثرها الملموس على أرض الواقع، وهو ما يرفضه النظام ويخشاه.

ويتوقع المستشار الخضيري أن الجبن المسيطر على النظام تجاه الإخوان قد يجعله لا يفرج عن الإخوان المحاكمين عسكريًّا حتى بعد قضاء مدتهم كاملةً، من خلال إثارة العديد من الحجج والمبررات الواهية حتى يتسنى له تغييبهم خلف أسوار السجون... ويشدد على أهمية تضافر جهود جميع المصلحين من أبناء هذا الوطن؛ لإزاحة هذا النظام الظالم الفاسد، الذي استشرى فساده في كافة مؤسسات الدولة، منتقدًا إطلاق أيدي الأجهزة الأمنية في جميع القطاعات؛ ما جعلها تطغى في الأرض وتتجبر و"تدهس" تحت أقدامها كل مَن عارضها.

وصمة عار!

يقول الدكتور عمار علي حسن مدير مركز الشرق الأوسط للدراسات: إن النظام المصري دائمًا ما يعامل المجرمين بشكلٍ مغاير لما يعامل به السياسيين المصريين، خاصةً من تمَّت إحالتهم إلى محاكمات عسكرية... ويرى أن استثناء النظام للإخوان من تلك الإعفاءات ليس بالجديد على النظام المصري الغاشم، الذي أحال الإخوان إلى محاكمات عسكرية دون وجود تُهمٍ حقيقية تزج بهم في السجون، مشيرًا إلى أن التهم الباطلة التي أحالت الإخوان إلى المحاكمات العسكرية من الطبيعي ألا تتوافق معها قرارات إعفاء لأن الجهة المسئولة عن القرارين واحدة... ويضيف أن النظام يهدف من وراء ذلك إلى تحقيق سياسات معينة يسعى إليها، حتى يحقق أهدافه من السيطرة على الحكم وعدم تفلته من قبضته، مؤكدًا أن جميع تبريرات النظام التي يسوقها في ذلك الشأن واهية، وما هي إلا محاولات لتجميل وجهه.

أهواء شخصية!

ويتفق الدكتور أيمن نور مؤسس حزب الغد ومرشح الحزب في انتخابات رئاسة الجمهورية القادمة مع سابقيه قائلاً: إنه من الطبيعي في كافة بلاد العالم أن يغلب على الأحكام القضائية طابع العدالة والمساواة، وأن المقياس الوحيد الذي يسمح للسلطة التنفيذية أن تتدخل وتصدر قرار إفراج بعد قضاء نصف المدة من عدمه هو حسن سير وسلوك المسجون خلال فترة قضاء المدة، وهو ما لم يتم مع معتقلي الإخوان الذين يشهد لهم الجميع بحسن سيرهم وسلوكهم... ويضيف أن الكثيرَ من المعتقلين السياسيين يثبت حسن سيرهم وسلوكهم بشهادة الآخرين، وعلى النقيض تكون سمعة تجار المخدرات واللصوص والجواسيس منحدرة، ومع ذلك يتم الإفراج عمن يروق للنظام الإفراج عنهم وفق أهوائه الشخصية وما يخدم مصالحه.... ويوضح أن النظام المصري يُفصِّل القوانين وفق أهوائه، ويُطبِّق منها ما يروق له دون إعارة اهتمام لأحد، مستنكرًا أن يتم الإفراج عن الجواسيس وتجار المخدرات واللصوص ولا يتم الإفراج عن الإخوان المسلمين بالرغم من أنهم من رموز الإصلاح في هذا البلد.... ويؤكد أن النظام المصري لا يطبق أيًّا من قرارات الإعفاءات على المعتقلين السياسيين، لاستشعاره بخطورتهم على بقائه في الحكم وتمرير توريثه المزعوم، ولرغبته في الزج بالسياسيين، وعلى رأسهم الإخوان لأطول فترة ممكنة خلف السجون خوفًا من تأثيرهم وتحركاتهم في الشارع المصري.

ويرجع د. نور ذلك التباين في القرارات إلى أن النظام لا تحكمه إلا اعتبارات ومصالح شخصية لا تمت للعدالة بصلة، مشيرًا إلى أن النظام أصبح يشتهي شهوة حبس السياسيين لأطول فترة ممكنة؛ لانزعاجه الدائم منهم.

تعداد المخطوفين!

ويقول عبد الحليم قنديل المنسق العام لحركة كفاية: إن قيادات الإخوان الذين قضوا سنوات في السجون على خلفية محاكمتهم عسكريًّا هم في تعداد المخطوفين وليسوا ممن يقضون عقوبات لأحكام قضائية عادلة، مشيرًا إلى أن المحاكمات العسكرية التي تمت من قبل ظالمة كليًّا، ولا يتوافر فيها أي قدر من العدالة أو الاحترام فلا يتوقع من الخاطفين أن يعفون عن مخطوفيهم!... ويضيف: طالما أن الإخوان يحاكمون بقضاء عسكري، الذي يمثل انتهاكًا للعدالة القضائية، فمن الطبيعي أن يكون الأصل فيها الاضطهاد والمغالاة في التمييز وفرض مزيدٍ من الظلم عليهم، مؤكدًا أنه لا يجب أن ينتظر من نظام بتلك البشاعة أي قدر من التسامح أو العفو.

ويرى أن أسلوب الظلم الممنهج الذي يتبعه النظام لن يتغير في الفترة القادمة، متوقعًا ألا يتم إصدار قرارات عفو عن الإخوان الذين قضوا نصف المدة في القضية العسكرية في العيد القومي القادم في 23 يوليو القادم؛ نظرًا لعنف النظام الدائم تجاه الإخوان وعنصريته ضدهم.

موقف سياسي

ويضيف القطب اليساري أبو العز الحريري أن تمييز النظام بين المسجونين في ذلك الشأن لا ينمُّ إلا عن نظامٍ عقيمٍ لا تستند تحركاته إلى أية مبادئ أو قوانين؛ مشيرًا إلى أن العديد يشهد بحسن سير وسلوك الإخوان داخل السجون، ويشهد بطيب سلوكهم؛ متسائلاًً: ما الذي يجعل النظام يفرج عن حفنةٍ من المشاغبين وتجار المخدرات دون أن يتم الإفراج عمن هم حسنو السمعة، سوى أن النظام يعمل وفق أهواء شخصية.

ويوضح أن الموقف برمته موقف سياسي لا دخل للقوانين فيه؛ حيث يتعمد النظام الضرب بأحكام القوانين عرض الحائط، حتى يقوم بتحقيق ما يراه متماشيًا مع سياساته، مشيرًا إلى أن النظام يستميت في اختراع الوسائل التي تؤذي خصومه.

مخالفة الدستور!

ويؤكد الدكتور عاطف البنا أستاذ القانون الدستوري بكلية الحقوق بجامعة القاهرة أن النظام يخشى الإخوان بشكلٍ مستمر ومتزايد، بل إنه وصل إلى مرحلة التخوف من ذاته... ويرى أن الاعتبار القانوني الوحيد الذي يميز بين قرارات العفو عن مسجون وآخر بعد قضاء نصف المدة تترتب فقط على مدى حسن سيره وسلوكه داخل السجن أثناء قضاء فترة الحكم الصادر ضده، مشيرًا إلى أن النظام يثبت بتمييزه ذلك وجود معاير أخرى لديه يقوم بالتفريق بين مسجون وآخر بناءً عليها وهو ما يعد مخالفًا للدستور.

ويؤكد أن ما يمر به الإخوان الآن خلف أسوار السجون والمعتقلات وخارجها ما هو إلا جريمة شنعاء وظلم بين؛ لأن الجميع يشهد أن جميع تحركات الإخوان لا يوجد بها زلة قانونية واحدة.

وينتقد د. البنا غياب الشرعية في تعاملات النظام مع الإخوان قائلاً: من المسلمات أن تقوم الدولة بمؤسساتها على مبدأ المشروعية، والذي يعني سيادة حكم القانون وبمقتضاه تخضع الدولة في تصرفاتها للقانون القائم، ولا تحيد عنه قيد أنملة، وهو ما يخالف الوضع الحالي في التعامل مع الإخوان... ويضيف: من المفترض ألا يكون هناك تمييز بين الأشخاص الذين تطبق عليهم تلك القرارات أمام القانون، مشيرًا إلى أن الحكومة بذلك تغفل مبدأ مساواة المواطنين أمام القانون.

*******


الشريط الإخباري ... الشريط الإخباري ... الشريط الإخباري ... الشريط الإخباري ... الشريط الإخباري ... الشريط الإخباري

في منزل خيرت الشاطر

الحاجة عزة تروي تفاصيل 11 سنةً سجنًا لزوجها:

- النظام جعلنا نجوم مجتمع وتعاطف الشعب وسام حقيقي

- حصاد 11 سنةً سجنًا: زواج 7 من بناته وميلاد 15 حفيدًا

- أنتظر إطلاق سراح زوجي من الله وليس من النظام الفاسد

- المواقف الصعبة كان يراها الشاطر في منامه قبل أن تقع

- علم بنجاح ابنته في الثانوية وهو في سيارة الترحيلات

 

في الثالث والعشرين من يوليو الجاري يستحق المهندس خيرت الشاطر نائب المرشد العام وبقية رهائن القضية العسكرية، وهم: رجل الأعمال حسن مالك، والمهندس أحمد شوشة، والحاج صادق الشرقاوي، والناشر أحمد أشرف؛ الإفراج بنصف المدة، بينما يستحق آخر ثلاثة الإفراج بثلاثة أرباع المدة في شهر سبتمبر المقبل إلا أن القانون المصري الذي يتم تطبيقه و"طيه" في الأدراج إذا كان الإخوان طرفًا في التقاضي به لا يتم تفعيله في مثل هذه القضايا.

المهندس خيرت الشاطر حالة منفصلة؛ حيث سبق اعتقاله لمدد تقترب من العامين، الأولى عام 1992م في القضية المعروفة باسم "سلسبيل"، والتي اقترب الحبس فيها من عام كامل، والثانية عام 2002م بعد إطلاق سراحه في القضية العسكرية لعام 1995م، والتي تمَّ فيها اعتقاله لمدة 11 شهرًا، وطبقًا للقانون فإنه يتم ضم هذه المدد إلى المدة التي قضاها الشاطر في القضية الحالية، باعتبار أن التهم في القضايا الثلاثة واحدة والقانون يلزم بضم مدة الحبس الاحتياطي في القضيتين الأولى والثانية إلى الثالثة، وبذلك يكون الشاطر قد أتمَّ ثلاثة أرباع مدة سجنه التي قررتها المحكمة العسكرية بسبع سنوات في القضية الأخيرة؛ ولأن القانون ممنوع تطبيقه على الإخوان كما سبق التوضيح؛ فإن النائب العام لم يؤشر حتى الآن بضم مدتي الحبس الاحتياطي السابقتين للقضية الحالية، رغم أنه إجراء يتم آليًّا بعد قيام محامي المهندس خيرت بتقديم طلب للنائب العام بهذا الشأن؛ ما دفع هيئة الدفاع إلى رفع دعوى قضائية أمام محكمة القضاء الإداري لهذا الغرض.

احتل المهندس خيرت الشاطر المرتبة الأولى في قائمة أكثر المظلومين في عهد النظام الحالي، فهو أكثر مسجون سياسي يقضي عقوبات مختلفة خلف القضبان اقتربت من 11 عامًا، كما أنه دائمًا على رأس كل القضايا الجديدة التي يدبِّرها النظام للإخوان، وهو كذلك أول من يحصل على أعلى العقوبات التي يحدِّدها النظام سواء بالخمس السنوات في قضية 95 أو 7 سنوات في قضية 2006م،

 

إلا أن أسرة الشاطر لها منظور آخر في هذا الموضوع، فهي ترى في ذلك اصطفاءً من الله عزَّ وجلَّ لعبد من عباده، فعلى قدر المصيبة يكون الجزاء والعطاء من المولى سبحانه وتعالى، هذا ما أكدته رفيقة دربه وشريكة كفاحه وجهاده زوجته أو "الوالدة"، كما تلقبها عائلة الشاطر هي الحاجة (عزة أحمد محمد توفيق)، التي قالت إن زوجها لا ينتظر منةً من أحد؛ كي يتم إطلاق سراحه، فهو لم يكن يستحق السجن من الأساس.

وعندما سألتها: لماذا خيرت الشاطر تحديدًا الذي يتعرض لهذا الظلم؟

ردت عليَّ السؤال بسؤال آخر ولكنه موجَّه لجهة أخرى، وجهته إلى رئيس الجمهورية، وتساءلت قائلةً: ما سبب سجن زوجي؟! أريد أن أعرف حتى إذا كان السبب مقنعًا يستريح قلبي بأنه غير مظلوم، ولكن النظام الذي دخل في خصومة سياسية مع زوجي لا يجد سببًا مقنعًا يقوله لي أو لأي شخص آخر يسأل هذا السؤال.

وأضافت الزوجة قائلةً: ولكني أعرف السبب وهو خوف النظام ليس من الشاطر، وإنما من مشروع النهضة الإسلامية الذي ينادي به الشاطر ومن معه، هذا هو السبب فالنظام الذي فشل في كل شيء لا يريد لأحد غيره أن ينجح، وبدلاً من أن يواجه خصومه بالعمل وخدمة الشعب يواجههم بالخيار الأسهل، وهو الاعتقال والسجن والتعذيب، بل والقتل في بعض الأحيان إن وجد في ذلك حلاًّ لبقائه.

التفوق هو السبب

وتضيف الزوجة التي تحملت تربية أبنائها وإدارة شئون عائلة كبيرة طوال أكثر من 10 سنوات؛ أن زوجها طوال هذه الفترة لم يكن في إعارة أو عمل خارج البلاد، وإنما كان في عمل وإصلاح في الداخل سواء كان في السجن تارةً أو الاعتقال تارةً أخرى.

وتضيف الزوجة متسائلة: ما جريمة زوجي؟ أريد أن أعرفها حتى أبرِّر لأولاده- الذين كبروا وهو ليس أمامهم- سبب وجوده خلف القضبان، وحتى أجد سببًا مقنعًا لأحفاده الـ17؛ لماذا لم يتواجد جدهم في ولادتهم بل وفي كلِّ المناسبات التي مروا بها، أريد أن أعرف سببًا أقوله لأزواج بناتي الذين لا يجدون مكانًا لمقابلة والد زوجاتهم؛ لإتمام إجراءات الزواج إلا خلف القضبان، أريد أن أعرف لماذا يحاكم بدون جريمة، فقد كان أول من سُجن في قضية "سلسبيل"، وهي القضية التي كانت مثالاً صارخًا على الفساد، فجريمة زوجي أنه استطاع تقديم عرض جيد لتقديم الخدمات الإلكترونية في بطولة الألعاب الإفريقية التي شهدتها القاهرة عام 1992م، ولأن أحد الشخصيات الكبرى قدَّم عرضًا آخر، ولكنه أقل من عرض زوجي وشريكه حسن مالك، وكان الاتجاه وقتها لقبول عرضنا ولكن لأننا في مصر؛ فإن النظام لم يكتفِ بقبول عرض المنافس الأقل، وإنما عاقب زوجي لأنه ناجح وشاطر ومتفوق في أي مجال يدخله، وبدأت من هنا الخصومة التي لم تنتهِ، فمع كل قضية جديدة للإخوان يكون زوجي في مقدمتها، وحتى الأحكام نفسها يكون زوجي أول من يحصل على شريحة الأحكام الجديدة، ففي القضية العسكرية عام 95 كان أول من حصل على أحكام الخمس سنوات، والتي كانت وقتها الأشد عقوبة، وفي قضية 2006م كان أول من حصل على العقوبة الأشد الجديدة وهي السبع سنوات.

دولة الظلم

الزوجة التي التقطت أنفاسها للحظات، عادت لتؤكد: هذا كله يحدث لأننا في دولة قوامها الأساسي هو الظلم، ونحن نتعامل مع نظام لا يخضع في تصرفاته لأي منطق، فماذا نفعل؟ هل يريد النظام دفعنا نحو العنف؟.. لو كان يريد ذلك فهو واهم لأننا اخترنا طريق الإصلاح بالطرق السلمية مهما كلفنا ذلك من تضحيات وسجون ومعتقلات، وإن كان النظام تفنن في ظلمنا فإن الله عزَّ وجلَّ هو ولينا والقادر على نصرتنا وحمايتنا من ظلم الظالمين، فنحن فوَّضنا أمرنا إليه.

وتتذكر زوجة الشاطر العديد من أشكال الظلم التي وقعت على زوجها بل وعلى عائلتها كلها، مشيرةً إلى أن أبرز صور هذا الظلم عدم تنفيذ أحكام محكمة الجنايات لمرتين متتاليتين بالإفراج عن المهندس خيرت الشاطر، وبدلاً من أن يحترم النظام القضاء وينفِّذ أحكامه، يقوم بإهانته وانتهاكه وتحويل زوجها ومن معه إلى المحكمة العسكرية، وتضيف قائلةً: ما حدث أقسى أشكال الظلم ليس على زوجي فقط وإنما الظلم ضد القضاء المدني المحترم برفض تنفيذ أحكامه.

محطات لا تُنسى

سألت زوجة الشاطر عن أبرز المحطات والقرارات التي اتخذتها الأسرة في كل فترات السجن، والتي اقتربت من 11 عامًا، وكانت بحاجة لوجود الوالد، إلا أنها لم تفكر كثيرًا في أهم المحطات أو أبرز القرارات وردت بسرعة قائلة: لم يمر علينا يوم طوال فترات حبس زوجي، والتي اقتربت من 11 عامًا إلا وكنا نعيش في معاناة بشكل مختلف، ولك أن تتخيل حال زوجة أولادها صغار، يمرون بمحطات مهمة مثل نجاحهم ومرضهم وزواجهم.. فكلها قرارات مصيرية تتطلب أن يكون الأب هو صاحب القرار فيها، فهي كما يقولون قرارات تحديد مصير.

وتضرب الحاجة عزة مثالاً بابنتها خديجة؛ حيث حصلت على مجموع 92% في الثانوية العامة أدبي عام 1995م وكانت الأولى على دفعتين (الدفعة المزدوجة)، ووقتها أخبرنا والدها النتيجة وهو يصعد سيارة الترحيلات عائدًا من النيابة إلى سجنه، فقلنا له الخبر في الشارع على مرأى ومسمع من كل الذين كانوا موجودين في محيط النيابة، وكنا نريد أن نعرف منه؛ ما الكلية التي يجب أن تدخلها لأن الرغبة الأولى التي ستكتبها سوف تحصل عليها؛ فهل تدخل كلية الاقتصاد والعلوم السياسية أم الإعلام أم الألسن؟..

أعتقد أنه قرار مصيري سوف يحدِّد مستقبل ابنتنا، وكان يجب أن يكون والدها موجودًا ليشاركنا فرحتنا ويحدِّد معنا هذا المصير، ومثل هذا الموقف وإن اختلفت وسيلة الإبلاغ تكرر في معظم شهادات أبنائنا، والتي كان فيها والدهم خلف القضبان.

وتضيف الزوجة: أما باقي القرارات الأخرى المهمة والمصيرية؛ فكانت تتم خلف القضبان، وفي ظلِّ الحراسة والتضييق خلال الزيارات، بخلاف أي أسرة أخرى، فهي قرارات كانت تتم في ظروف استثنائية، وأبرزها بالطبع زواج بناته، فمعظم بناتي تزوجن ووالدهن في السجن، وأزواجهن تقدموا لهن في السجن، وحددوا كل إجراءات الزواج ووالدهن في السجن، وحتى الأحفاد الذين هم فلذات الأكباد وعددهم 17، وُلِد 15 منهم وهو في السجن.

الله معنا

شريط ذكريات الحاجة عزة طوال 11 سنةً سجنًا واعتقالاً لزوجها يقف عند محطة مهمة، قالت: إنها النعم التي تصاحب المحن، مؤكدة أنه رغم قسوة السجن والظلم والفراق إلا أننا نشعر في كل مناسبة أو أزمة بأن الله عز وجل معنا ولن يتركنا، وضربت أمثلة عديدة مثل تعرض إحدى بناتها لعملية جراحية خطيرة، وكان فضل الله عليهم كبيرًا، وتؤكد ربما لو كنا في نفس الموقف وكان والدها معنا لما تجاوزنا هذه المحنة بهذا الفضل من الله عز وجل.

سألت الحاجة عزة عن الخبر السيئ الذي احتارت كيف توصله لزوجها وهو في السجن، ولكنها في النهاية كان يجب أن تخبره به، وبدون تردد أيضًا قالت إنه خبر وفاة والدته رحمها الله في القضية الحالية، ومرض والده في قضية 95.

وتوضح الزوجة أنها لم تقل له خبر وفاة والدته بشكل مباشر، وإنما سألته لو تُوفيت- لأنها كانت مريضة- هل تفضل أن نسعى في إجراءات خروجك لتشيعها أم لتقبل العزاء فيها، وكان وقتها المهندس خيرت في المستشفى للعلاج، وكان في انتظار جلسات المسح الذري، ولا بد من اتخاذ القرار بسرعة، وتتوقف الزوجة للحظات، ثم تضيف قائلة: "أحسب أن المهندس خيرت على صلة جيدة مع ربه، ولذلك فهو كان يعرف الأخبار قبل أن نقولها له؛ حيث كان يراها رؤى في منامه، وهو ما كان يخفِّف عنه كثيرًا من الصدمات، ولذلك عندما بدأت أحدثه عن مرض والدته وما الإجراءات التي نقوم بها؟ أحس بالخبر، وقرر في لحظتها أن يشارك في إجراءات الدفن رغم أهمية جلسات العلاج، وتؤكد الحاجة أن هذا الموقف ليس الوحيد في هذا الإطار، وإنما هناك مواقف عديدة كان يعرفها من خلال الرؤى قبل أن نقولها له، وفي هذا رحمة من رحمات الله؛ لتخفيف المحن والابتلاءات علينا وعليه.

رمضان والمناسبات

خلال الحديث مع زوجة الشاطر جاء ذكر شهر رمضان المبارك؛ فسألتها: كيف يكون رمضان في ظلِّ غياب المهندس الشاطر؟!

فردت متسائلة: ليس رمضان فقط، وإنما الأعياد أيضًا فهناك تقريبًا 22 عيدًا ما بين أعياد الفطر والأضحى لم يكن فيها رب الأسرة موجودًا؛ لأنه إما رهن اعتقال أو مسجون في قضية، ولذلك فإن الجو الرمضاني القائم على لمِّ شمل الأسرة والعائلة لم نشعر به؛ لأنه غير موجود من الأساس؛ لأن أبناءه عندما كبروا وبدءوا يشعرون بهذا الجو لم يكن والدهم موجودًا معهم.

سألت الزوجة عن العلاقات الاجتماعية بين البنات وأزواجهن من جهة ووالدهن المعتقل من جهة أخرى..

فَكَّرَت بعض الوقت ثم قالت: أعتقد أن المهندس خيرت لم يدخل منزل ثلاثة من بناته المتزوجات وهن: مريم، وسارة، وحفصة، إلا أن الابنة الكبرى الزهراء تبادلت الحديث مع والدتها حول زيارة الأب لمنزل سارة مرة واحدة، وبعد نقاش مستفيض شعرت أنها مشكلة في حدِّ ذاتها ألا تعرف الأسرة من الابنة التي زارها الأب، وما عدد مرات الزيارة؟! وفي النهاية قالت الزوجة: حتى لو زار بناته فإنها ربما زيارة لمرة واحدة، قد لا تتذكرها إلا من كانت عندها الزيارة، خاصة أن الله رزقنا بثماني بنات، 7 منهن تزوجن وهو في السجن.

 

حب الناس

الزوجة التي تتعرض للظلم على يد نظام لا يعرف حدًّا لخصومته مع زوجها، تؤكد أن النظام المصري منح زوجها شُهرة كبيرة في الداخل والخارج، وهي الشهرة التي كانت لها نتائج غير متوقعة على مدى تفاعل الناس مع قضية زوجها، وسردت الزوجة العديد من النماذج مثل صاحب مكتب لتصوير المستندات رفض تقاضي أي مقابل عندما قامت إحدى بناتها بتصوير بعض الأوراق الخاصة، وكان من بينها بطاقتها الشخصية، فعندما قرأ الاسم سألها: "هو انتي ابنة المهندس خيرت الشاطر بتاع الإخوان المسلمين؟"، وعندما أجابت بنعم، أقسم ألا يتقاضى أي مقابل منها، وأخذ يعدد مساوئ النظام، وأن والدها بطل يجب أن تفتخر به، وهو ما كان يتكرر أيضًا في المصالح الحكومية؛ حيث كان يعاملنا الموظفون باعتبارنا نجومًا للمجتمع، لدرجة أن أحد الموظفين في الشهر العقاري رفض تقاضي مقابل لبعض الإجراءات التي كنا نقوم بها، وأراد أن يسددها من جيبه الخاص تعبيرًا عن تقديره لقضية زوجي، وحتى أساتذة الجامعات كانوا دائمي التقدير لأبنائي خلال المحاضرات؛ حتى إن أحد أساتذة ابنتي خديجة في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، والذي كان لا يتهاون في مسألة الحضور والغياب، ويرفض أي أعذار يقدمها الطلاب، استجاب بسهولة لافتة لطلب ابنتي الغياب عن المحاضرة لكي تتمكن من زيارة والدها.

أما الأكثر من ذلك فهو حالة الدعم المعنوي التي كان يقدمها ضباط وجنود الشرطة العسكرية لنا خلال المحاكمات، وكانوا يقولون لنا ولأبنائنا: لا بد أن تفتخروا بآبائكم، فهم مظلمون ويستحقون التقدير، فهم أبطال، وأن أي ظلم لا بد له من نهاية، وبعضهم كان يبكي عندما يتحدث أحد المعتقلين من داخل القفص أو عندما يستمع لمرافعة من أحد أعضاء هيئة الدفاع، وعندما صدرت الأحكام، كثير منهم بكى على الظلم الواقع على أزواجنا.

 

الفرق بين المحكمتين

لأن الشاطر كان على رأس القضيتين العسكريتين عامي 1995 و2006م سألت زوجته الحاجة عن الفرق بين المحاكمتين، وأيهما كان أكثر مهزلة من الأخرى، فردت قائلة في محكمة 95 كانت القضية مسرحية كوميدية بامتياز؛ لأن الحكومة لم تكن تخطط لمثل هذه القضايا بشكل دقيق، ولم يكن هناك أي مقومات للقضية، ويكفي أن ضابطًا واحدًا كان مسئولاً عن التحريات لـ 84 متهمًا، وعندما انسحبت هيئة الدفاع عينت الحكومة هيئة دفاع من عندها، وكان أكبر جهد لهذه الهيئة الحكومية هو المطالبة بتخفيف العقوبة وليس المطالبة بالبراءة.

أما في قضية 2006م فكان الوضع مختلفًا رغم هشاشة القضية وعدم منطقيتها، وتحولت المسرحية الهزلية في الأولى إلى "تراجيدية" في الثانية استمرت لأكثر من 70 جلسة، وكان فيها مرافعات مؤثرة وهيئة دفاع نسفت القضية من أساسها، لكن النهاية في كلتا المهزلتين كانت واحدة.

وأتذكر أن النيابة العسكرية في قضية 95 كانت في صالحنا، وفندت كثيرًا من اتهامات الداخلية للمعتقلين، وفي 2006م كان رئيس المحكمة يستمع باهتمام للمرافعات والردود القانونية لهيئة الدفاع، ولكن كان لسان حاله يقول: "يا جماعة أنا مُسَيَّر وليس لي اختيار في أحكامي"، وكما قلت كانت النهاية في القضيتين واحدة.

الإفراج من عند الله

مع تجاوز المهندس خيرت لنصف مدة حبسه في هذه القضية بل وتجاوزه لثلاثة أرباع المدة في حالة ضم فترات الحبس الاحتياطي السابقة لهذه القضية؛ هل تنتظر أسرة الشاطر الإفراج عن عائلهم مع احتفالات 23 يوليو؟، قالت الزوجة: إنها تثق في قدرة الله ورحمته، وتنتظر الإفراج من المولى عز وجل، وليس من أحد غيره، مشيرةً إلى أن أفضل شيء فعله هذا النظام أنه جعلهم متعلقين أكثر بالله عز وجل، وأن رجاءهم في الله وليس في أحد سواه، خاصة أنه لا يُرْجَى من نظام فاسد أي إصلاح، بل لا يتوقعون منه إلا الضرر، وفي النهاية سيقضي الله أمرًا كان مفعولاً.

وتضيف الزوجة أن زوجها يعتبر نفسه في هذه القضية وكأنه في العشر الأواخر، ولكن ليس من رمضان ولكن من عمره؛ حيث تجاوز الستين وهو يرى في هذه المحن فرصةً للتقرب من المولى، واختبارًا لصبره على الابتلاءات وطاعة الله في المصائب والمكاره.

في نهاية حديثنا معها، وجَّهت زوجة الشاطر لومًا إلى وسائل الإعلام التي ظلمت زوجها بعدم تبني قضيته في الوقت الذي أفردت الصفحات لقضايا فساد أخرى مثل: قضية أكياس الدم الفاسدة، وقضية هشام طلعت مصطفى، وقضية العبارة، وتضيف قائلة: "أشعر بمرارتين الأولى خاصة بظلم زوجي، والثانية عامة؛ مما يتعرض له الوطن من ظلم وفساد، وفي النهاية فإن الله هو حسبنا ونعم الوكيل.

 

الابن يتذكر

حسن الابن الأصغر للمهندس خيرت الشاطر عمره 17 عامًا يقول: إنه عاش أكثر من ثلاثة أرباع عمره ووالده إما في السجن أو المعتقل، ويضيف أنه في القضية الأولى لم يكن يعي ما يحدث، بينما اختلف الوضع في القضية الثانية، ويتذكر حسن أكثر المواقف تأثرًا في حياته عندما تعرض للإجهاد قبل موعد زيارة والده وأغمي عليه في المدرسة، وكان لا يريد أن يخبر أسرته حتى لا يخبروا والده، ولكنه عرف في النهاية بإحساسه.

ويؤكد حسن أنه فخور بوالده ويشعر أنه يقدِّم للوطن خدمة كبيرة؛ لأنه في طليعة الإصلاحيين الذين يريدون تغيير أحوال مصر السيئة، مهما كلفه ذلك من تضحيات وسجن واعتقال.

وتمنى أن يكون والده بجواره في كل المناسبات، إلا أنه أيضًا يعلم جيدًا أنه في مهمة وطنية حتى لو كانت هذه المهمة خلف قضبان الظلم والقهر.

ويقدِّم حسن الشكر لوالدته التي بذلت معهم مجهودًا كبيرًا لإصلاح ما أفسده النظام في نفوسهم، فهم عندما كانوا صغارًا وكانوا يشاهدون والدهم معتقلاً يكرهون الحكومة والوطن الذي ظلم والدهم، ولكن الأم بذلت مجهودًا كبيرًا لتغيير هذه الصورة، وهي أن مصر ملك لنا فهي وطننا، وأن "أمن الدولة" ليست كلَّ الشرطة، والنظام وحكومته ليس هو كل مصر، فهي معاني مهمة كان يؤكد عليها والدنا عندما كنا نزوره، سواء في المحكمة أو السجن أو خلال العرض على النيابة.

*****

المنظمة المصرية:

الشاطر وإخوانه يستحقون الإفراج فورًا

طالب حافظ أبو سعدة رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان وزارة الداخلية بالإفراج الفوري عن المهندس خيرت الشاطر نائب المرشد العام و4 من قيادات الجماعة المحبوسين على ذمة القضية العسكرية الأخيرة، مؤكدًا أن أوضاعهم الصحية تستحق الإفراج أسوةً بالدكتور أيمن نور زعيم حزب الغد.

وقال- في مؤتمر صحفي للإعلان عن التقرير السنوي للمنظمة عن حالة حقوق الإنسان في مصر لعام 2009م-: إن المؤشر الرئيسي يؤكد أن أوضاع حقوق الإنسان في تراجع مستمر خلال عام 2009م مع استمرار العمل بقانون الطوارئ، واعتبره المصدر الرئيسي لانتهاكات حقوق الإنسان في مصر.

*******

أحرار العسكرية: الإفراج عن إخواننا ضرورة وطنية

- د. عصام عبد المحسن: النظام يتذرَّع بحجج واهية لإبقاء الشرفاء بالسجن

- ممدوح الحسيني: الخصومة السياسية ضد الإخوان منعت الإفراج عنهم

- صلاح الدسوقي: قضيتنا ليست خروج مجموعة فقط ولكن الأهم وقف الظلم

- د. فريد جلبط: أتمنَّى أن يعود النظام إلى رشده ويفرج عن كل المظلومين

- فتحي بغدادي: أملنا في الله كبير ولا بد أن ينتهي العداء ضد فئات الشعب

 أحرار العسكرية الذين خرجوا بعد انتهاء مدة حبسهم الجائر في نفس القضية؛ ليعرف آراءهم حول قضاء نصف المدة؟ وهل كانوا ينتظرون قرار الإفراج عند إتمام المدة، وكيف كان شعورهم في تلك اللحظات؟ فإلى التفاصيل:

يقول الدكتور عصام عبد المحسن الأستاذ بطب الأزهر وأحد الذين قضوا ثلاث سنوات في المحاكمة العسكرية الظالمة لقيادات الإخوان: إن ظلم النظام وتعسفه وتعنُّته ضد الإخوان المسلمين منعهم أثناء فترة حبسهم من الحصول على حقوق السجناء التي يقرُّها القانون للقتلة والمجرمين واللصوص وناهبي أموال الشعب المصري، مثل الإفراجات الصحية والخروج بعد قضاء نصف مدة الحبس أو ثلاثة أرباع المدة أو الخروج في المناسبات الوطنية والأعياد.. ويضيف من ذكرياته خلف الأسوار أنهم كانوا ينتظرون أن يأتي عليهم موعد نصف المدة وموعد ثلاثة أرباع المدة للحصول على الإفراج، مشيرًا إلى أن أملهم في الله كان لا ينقطع، ودائمًا ما كانوا ينتظرون الإفراج من الله عزَّ وجلَّ وليس من أحد غيره.

ويوضح أنهم كانوا يستعدون لاستقبال هذه المواعيد من خلال قيام المحامين بتقديم الطلبات، وعمل الإجراءات القانونية من أجل الحصول على أبسط الحقوق لسجناء مظلومين أخذوا أحكامًا في محاكمات باطلة، مطالبين حتى بمساواتهم بالسجناء الآخرين الذين يحصلون على قرارات إفراج بالجملة في الأعياد والمناسبات الوطنية، أو بمرور نصف المدة أو ثلاثة أرباعها، بالرغم من أنهم قد يكونون لصوصًا أو قتلةً.

ويضيف أن النظام وزبانيته دائمًا ما كانوا يتذرَّعون بحجج واهية، مثل أن الإخوان المحبوسين ليسوا ملتزمين ببرامج التأهيل التي تنفِّذها مصلحة السجون للخروج بعد نصف المدة أو ثلاثة أرباع المدة، بالرغم من أن الإخوان أولى وأحق من القتلة واللصوص والمجرمين بالحصول على الإفراج بعد نصف المدة؛ لأنهم لم يرتكبوا جريمةً.

ويعرب عن أسفه وإشفاقه تجاه الإخوان الذين يعانون من أمراض خطيرة، مثل المهندس خيرت الشاطر والحاج صابر الشرقاوي، ولم يحصلوا على قرارات بالإفراج الصحي، بالرغم من أحقيتهم في الحصول عليها، مؤكدًا أن الحكومة بسياستها هذه تفجُر في خصومتها للإخوان، مشيرًا إلى أن السبب الرئيسي في عدم حصولهم على الإفراج هو أنهم من الإخوان المسلمين، فلو كانوا سجناء رأي من تيار آخر لحصلوا على كل حقوقهم.... ويضيف أن ما يحدث تجاه الإخوان المحبوسين في القضية العسكرية يعبِّر عن قمة التعسف الحكومي تجاه الإخوان، من أول القبض عليهم، ومصادرة أموالهم وأموال زوجاتهم وأولادهم، ومنع الزيارة عنهم في أول شهرين، ووضعهم في سجن المحكوم السيئ وتحويلهم للقضاء العسكري بالرغم من حصولهم على 4 أحكام بالإفراج من القضاء الطبيعي.

ويؤكد على عمق روابط الإخوة والحب بين الإخوان الذين قضوا مدتهم وخرجوا والإخوان الذين ما زالوا رهائن للظلم والطغيان وأنهم دائمًا ما يسألون عنهم ويتابعون أخبارهم ويتواصلون مع أسرهم ويشاركونهم أفراحهم وأتراحهم، وأن أولادهم يشاركون أولادهم في الأنشطة الرياضية والاجتماعية، مضيفًا أنه لولا منع النظام لهم من زيارة إخوانهم المحبوسين لزاروهم.

خصومة سياسية

ويقول رجل الأعمال ممدوح الحسيني أحد الذين قضوا ثلاث سنوات في المحاكمة العسكرية الظالمة لقيادات الإخوان إنهم كانوا ينتظرون الفرج من الله تعالى ولا يعولون أي أمل على الظالمين؛ لأنهم ظلموهم في البداية فكيف ينصفونهم في النهاية سواءً كان في نصف المدة أو ثلاثة أرباع المدة...ويضيف: كنا نأخذ بالأسباب ونتوكل على الله فيقوم المحامون بعملهم من تقديم الطلبات والطعن على قرارات الحكومة وحصلنا على أحكام، ولكن الحكومة ماطلت في تنفيذها وأسندت النظر فيها إما إلى محكمة غير مختصة أو زادت علينا أيامًا أخرى.

ويشير إلى أن أسر المحبوسين في القضية العسكرية وأهاليهم في الخارج كانوا لا يتوانون عن إقامة الفعاليات، وتقديم الشكاوى والطلبات، وعقد المؤتمرات والندوات في مواعيد نصف وثلاثة أرباع المدة، وأيضًا في المناسبات الوطنية والأعياد مطالبين بالإفراج عنا.

ويؤكد أن الخصومة السياسية بين النظام والإخوان المسلمين حالت دون تنفيذ العديد من قرارات الإفراج التي صدرت لصالحهم، وحالت أيضًا دون تمتعهم بأدنى الحقوق التي يتمتع بها المسجونون الجنائيون مثل الخروج في نصف المدة أو ثلاثة أرباعها أو في المناسبات الوطنية والأعياد التي يتم فيها الإفراج عن الكثير من المجرمين... ويقول: إن رحمات الله عز وجل وسكينته كانت تتنزل علينا ونحن في الداخل، وكان الله ملهمنا الصبر والثبات، في ظل التقرب إلى الله بالعبادات وقراءة القرآن وعندما خرجنا شعرنا بأن الفترة التي اقتطعت من عمرنا خلف أسوار الظلم والطغيان كانت مؤلمةً وشديدةً، وأننا دفعنا ثمن غطرسة النظام غاليًا.

ويعرب عن أسفه الشديد على الأيام التي يقضيها الإخوان في السجن حاليًا ظلمًا، مشيرًا إلى أنه يشعر الآن بالسجن والغربة في الخارج، وهو بعيد عن إخوانه، وأن قلبه يكاد ينفطر عليهم من الحزن والأسى على غيابهم خلف أسوار السجون الظالمة... ويؤكد أن من خرجوا لا يزالون مرتبطين بإخوانهم في الداخل ومتصلين بأسرهم ويزورونهم، ويطمئنون منهم على أحوال إخوانهم وأخبارهم بسبب منعهم من زيارتهم.

رفع الظلم

ويسترجع د. صلاح الدسوقي أستاذ الجراحة العامة بجامعة الأزهر أحد الذين قضوا ثلاث سنوات في المحاكمة العسكرية الظالمة لقيادات الإخوان ذكرياته بمناسبة مرور نصف المدة على الإخوان الحاصلين على أحكام سبع سنوات أنهم عندما كانت تمر عليهم نصف المدة كان لدينا أمل كبير في الإفراج من الله عز وجل.

 ويضيف أنه بالرغم من أحقية الكثير منا بالحصول على إفراج في نصف المدة لانطباق شروط الإفراج الصحي عليهم، كان النظام يتعنت ضدنا ويعطي قرارات إفراج في نصف المدة للكثير من القتلة والمختلسين وحتى المعارضين السياسيين من غير الإخوان المسلمين.. ويقول: "إن تعنت النظام ضدنا كان لا يؤثر في أنفسنا لأننا نعلم أننا نتعامل مع نظام فاجر وفاسد يفرط في العداء للإخوان المسلمين، فلا توجد قضية أصلاً لكي نحاكم عليها"، موضحًا "أن القضية ليست صغيرة، ولكنها قضية مستمرة من نظام فاسد يعادي إنسان أعزل يريد التحرك بحرية".

ويضيف أن قضيتنا ليست فقط في خروج مجموعة من المسجونين ظلمًا وفقط، ولكننا نريد أن يعلم الناس أن هناك ظلمًا بينًا وقهرًا وتجنيًا وخروجًا عن العدالة والشرعية من أجل أن يخرج كل المظلومين، مؤكدًا أنه يجب أن نجاهد بكل الطرق القانونية والشرعية لمنع هذا الظلم من أن يطال أحدًا آخر، فما الفائدة مثلاً أن تخرج مجموعة من السجن وتدخل أخرى ظلمًا وعدوانًا.

 

عودوا إلى رشدكم

يقول الدكتور فريد جلبط أستاذ القانون الدولي بجامعة الأزهر وأحد أحرار العسكرية إنه منذ أن بدأت أحداث هذه القضية ونحن أمام أمرٍ غير طبيعي، وكان لدينا أمل في الله عز وجل أن تنتهي هذه الأحداث ويتم الإفراج عنا؛ لأنه لم تكن هناك قضية ولا توجد تهم محددة سواءً في القضية كلها كمجموعة أو أفراد... ويضيف: لقد مرَّ علينا نصف المدة من قبل وانتظرنا أن يعاملنا النظام حتى ولو كالمجرمين والجنائيين، ولكن عداوة النظام للإخوان حالت دون ذلك، ومرت علينا ثلاثة أرباع المدة أيضًا وتقدمنا بالطلبات للحصول على الإفراج الشرطي، ولكن ذلك لم يحدث بالرغم من أن سنة الجنائيين في السجن كانت 6 شهور أو 9 شهور رغم الجرائم التي ارتكبوها وصدرت ضدهم أحكام من محاكم لها قدر من الاستقلال ودرجات من العدالة، أما نحن فحوكمنا أمام محاكم من درجة واحدة.

ويؤكد أنه يتمنى من كل مَن ساهم في هذه المظالم أن يكفها ويعود إلى رشده إشفاقًا عليه وعلى أولاده من بعد، ويعودوا عن ظلمهم، فالعودة عن الظلم أحمد، متمنيًا أن تشهد مصر مرحلةً جديدةً من الحكم القائم على الحرية والعدل والمساواة.

 

عداوة للإخوان

ويؤكد رجل الأعمال فتحي بغدادي أنهم كانوا يعلمون أن النظام بعداوته للإخوان لا يمكن أن يعطيهم حكمًا بالإفراج بعد قضاء نصف المدة أو ثلاثة أرباع المدة، ويتوقع أن يتم الإفراج عن الإخوان المحتجزين حاليًّا بنصف المدة للحاصلين على أحكام بـ7 سنوات وثلاثة أرباع المدة للحاصلين على أحكام بـ5 سنوات؛ لأن المدة قد طالت، مؤكدًا أن الأمل في الله عز وجل كبير.

ويضيف أن المسجونين الجنائيين يطبق عليهم القانون ويحصلون على أحكام بثلاثة أرباع المدة، وكذلك في المناسبات الوطنية والأعياد دون أن يقدموا طلبات، مستنكرًا تعنت الحكومة مع الإخوان بالرغم من أنهم لم يرتكبوا أي جريمة.

وينتقد معاداة النظام ليس للإخوان فقط ولكن لفئاتٍ كثيرة من الشعب المصري، وكأنه نظام لشعب آخر، يقوم على الظلم والقهر ولي عنق القوانين ولا ينفذ الأحكام القضائية ولا يحترم الدستور والقانون ومواثيق حقوق الإنسان.

ويتمنى أن ينتهي ليل الظلم والاستبداد وتكون مصر قدوةً للمنطقة كلها في الحرية والديمقراطية، وتنتهي حالة العداء التي نصبها النظام للشعب.

*******

أيمن وزهراء.. أسرة تتحدى الظلم

- أيمن: حصلت على حكم "ثلاثة أرباع" المدة بعد خروجي بشهر

- زهراء: أزمتي كزوجة أكبر من كوني ابنةً لخيرت الشاطر

- أيمن: المهندس مهموم بمصر وحاله في السجن مثل خارجه

- زهراء: سجن "المحكوم" نسف مجهودنا لتحسين صورة الاعتقال

- أيمن: "حماي" يعاني من 6 أمراض مزمنة و"الداخلية" تتحمل المسئولية

- زهراء: "سلمان" اختار جده كأفضل شخصية مميزة رغم حملات التشويه

- أيمن: أُخوتنا في السجن جعلتنا نتجاوز أزمات وعقبات كثيرة

- زهراء: مرض والدتي كان آيةً من الله ويوم الإحالة كانت البشرى

أيمن عبد الغني مهندس مصري شاب من أسرة لها سبق في دعوة الإخوان المسلمين، عندما فكَّر في الزواج لم يجد أفضل من زهراء ابنة المهندس خيرت الشاطر الذي كان عضوًا بمكتب الإرشاد وقتها، ولم يكن يدور بخلد الزوجَيْن الشابَيْن أن طريقهما لبناء أسرة لن يسلم من العقبات والمطبات الصعبة، فأيمن عبد الغني زائر شبه دائم لسجون النظام الحالي، اعتقل لعدة مرات دامت لشهور، ثم سُجن ثلاث سنوات في قضية عسكرية جائرة، كان على رأسها والد زوجته المهندس خيرت الشاطر، وهنا كانت الزوجة والابنة في وضع لا تُحسد عليه، فزوجها ووالدها خلف القضبان ليس لشهر أو عدة أشهر، وإنما لثلاث سنوات للزوج وسبع للأب، وخلال هذه الفترة كان لا بد أن يكون أحد أعمام أبنائها هو الآخر خلف القضبان، وكأن النظام لا يريد لهذه الأسرة الصغيرة الحرية.

 الزهراء كانت تعيش معاناة مزدوجة، معاناة عدم وجود الأب والزوج معًا، في ظل وجود أطفال صغار يبدءون خطواتهم الأولى نحو حياة قاسية سبَّبها لهم النظام الحاكم، سألتها عن هذه المعاناة المزدوجة وكيف تغلبت عليها؟

فقالت إن معاناتها كأم أكثر بكثير من كونها ابنةً؛ حيث كانت تشعر بأزمة مع أبنائها في شرح أسباب اعتقال والدهم وجدهم في وقت واحد، خاصة أن الإعلام دائمًا ما يصوِّر المسجون في صورة سيئة، ولذلك كان التحدي لها هو؛ كيف تستطيع تغيير هذه الصورة عند أبنائها؟ هذا من جانب ومن جانب آخر؛ كيف توضِّح لأبنائها أن مصر ليست بهذا السوء، خاصة أن أبناءها رأوا بأعينهم كيف يتم اعتقال والدهم وجدهم في وقت واحد؟ وهي لحظة كانت صعبة جدًَّا عليهم وعلى الأم نفسها.

تحدي الاعتقال

وتضيف زهراء أن بداية فترة الاعتقال كانت مؤلمةً جدًّا عليها، وتحديدًا مع أسئلة صغارها المتكررة عن سبب غياب الأب والجد معًا؟، وكثيرًا ما كان يسأل بعض الصغار "هو بابا وجدو عملوا حاجة غلط عشان كدا البوليس قبض عليهم"، وأمام هذه الأسئلة كان لا بد من وجود إجابات مقنعة تحفظ للأب والجد مكانتهما في نفوس الأبناء، وفي نفس الوقت الحفاظ على حبهم لبلدهم، خاصة أن الأطفال في هذه المرحلة العمرية يتبنون الانطباعات التي يتم ترسيخها في عقولهم، ولكن بمرور الوقت تأقلم الجميع مع الوضع، وعرف الأبناء قيمة والدهم وجدهم، بل إن مجريات القضية نفسها رسخت معاني جميلة لدى الأبناء، ورفعت جدًّا من قيمة الأب والجد في نفوسهم؛ خاصةً أننا كنا نحرص على اصطحاب الأبناء في كل فعاليات القضية.

من المعتقل؟!

ويتدخل الزوج أيمن عبد الغني في الحديث، مضيفًا أنهم يسكنون في عقار واحد مع المهندس خيرت، وبحكم الطبيعة فإن سكنهم بات مشتركًا حتى لو كان لكل منهما شقته الخاصة، موضحًا أنهم اعتادوا كل مرة يتم فيها اقتحام المنزل من قِبل قوات الأمن أن أحدنا- ويقصد هنا الجد (المهندس خيرت) والأب (أيمن عبد الغني)- سيكون هو ضيف المعتقل والآخر في الخارج، ولذلك عندما تمَّ اقتحام المنزل لم نكن نعرف أيًّا منا المطلوب؛ هل الجد أم الأب الذي كان خارجًا لتوه من فترة اعتقال استمرت لعدة أشهر؟ ولذلك كانت هناك حيرة عند الجميع انتهت باصطحاب الجد والأب معًا في سيارة الترحيلات، وكانت هذه المرة الأولى التي يتم اعتقالنا معًا.

وتعود زهراء للحديث، مشيرةً إلى أن المشكلة التي كانت تواجهها كانت مع سارة الابنة الكبرى لها؛ حيث بدأت تستوعب ما يحدث أمامها وتسأل عما يحدث حولها، وزاد من صعوبة الوضع سجن "المحكوم" نفسه، والذي يتم فيه سجن السياسيين مع الجنائيين، والذي كان أزمة في حد ذاته، فقبل أول زيارة للوالد والزوج بذلت مجهودًا كبيرًا مع سارة وأخواتها؛ لتوضيح الفرق بين الجنائيين والسياسيين، وأن كلاًّ منهم له سجنه، والسياسي له وضعه حتى داخل السجن، إلا أنه مع أول زيارة تم نسف كل هذا المجهود برؤية الجد والأب جنبًا إلى جنب مع الجنائيين المسجونين في جرائم قتل وسرقة ونصب وغيرها من الجرائم، وتضيف قائلةً: "بالطبع كان الوضع مفزعًا لنا قبل أبنائنا، ولكن هنا تظهر رحمات الله عزَّ وجلَّ؛ حيث أحدث التضامن الشعبي الكبير مع قضيتنا نقلة كبيرة في فهم الأبناء لطبيعة القضية، وشعر الأبناء أن والدهم وجدهم يتقدمان صفوف الشرفاء ويحتلان مكانةً متميزةً عند الناس؛ ما زاد من ثقة الأبناء في الجد والأب بشكل لافت للنظر".

وتتذكر زهراء أن ابنها سلمان عندما كان في الفصل الدراسي الثاني طلبوا من كل واحد في فصله أن يكتب عن شخصية عامة يعتبرها شخصية مميزة، ولم تكن مفاجأة أن يختار سلمان جده خيرت الشاطر ليكتب عنه موضوعًا مميزًا، لقي إعجاب مدرسيه، وكان ذلك أفضل رد على محاولات النظام لتشويه صورة والدها وزوجها ومن كانوا معهما في القضية العسكرية.

مرض الوالدة

من المواقف التي لا تنساها زهراء وتعتبرها من أكثر المواقف التي وجدت فيها معية الله معهم، عندما مرضت والدتها، وكان ذلك خلال إحدى جلسات المحكمة العسكرية، ففي الصباح كان التعب واضحًا على والدتها، ولم تكن قادرة على الذهاب إلى المحكمة، وتضيف زهراء: عندما ذهبت إلى المحكمة تركت والدتي متعبة، وكنت قلقةً جدًّا عليها، ولأن المحكمة غير مسموح فيها بالهواتف الشخصية فقد شرحت لأحد الضباط خطورة وضع والدتي، وطلبت منه أن أتصل بها من أي هاتف لأطمئن عليها؛ حيث كنت أشعر أن حالتها بدأت في التدهور، وبالفعل سمح لي الضابط بالاتصال من الهاتف الأرضي، وعرفت أنها تعبت جدًّا وأُصيبت بغيبوبة، وهناك كانت مشكلة أخرى؛ حيث طلب والدي من رئيس المحكمة أن يتحدث في الجلسة، وتكلم بشكل مؤثر جدًّا وكنت في حيرة.. ماذا أفعل وكيف أتصرف؟ هل أتركه وهو يتكلم من داخل قفصه؟.. بالفعل كان اتخاذ القرار صعبًا جدًّا؛ حيث واجهت مشكلة أخرى وهي البحث عن حجة مقنعة أقولها لوالدي حتى أنصرف، فأنا أعلم جيدًا أنه لن يقتنع بأي حجة أسوقها له، كما أنني لا أستطيع أن أخبره أن والدتي مريضة، ولكن في النهاية كان القرار أن أذهب لوالدتي التي لم نكن نعلم ما الذي أصابها، وبالفعل اعتذرت لوالدي وهو داخل القفص، وتحججت ببعض الأمور الخاصة الذي لم يقتنع هو بها، وعرفت أنه غضب مني لأنني تركت هذه الجلسة الخطيرة، ثم وجدت نفسي في مشكلة ثالثة أو رابعة، وهي كيف أخرج من المحكمة؟ لأنه لا يوجد أي وسيلة للانتقال من مقر المحكمة إلى خارج الوحدة العسكرية بـ"الهايكستب" إلا من خلال الأتوبيس الخاص بالوحدة، وهو الأتوبيس الذي لا يتم توفيره إلا في فترة الاستراحة وبعد انتهاء الجلسات، وهنا بدأت بشائر الفرج؛ حيث وجدت أتوبيسًا أقلني لخارج الوحدة، وخلال وجودي في الأتوبيس؛ كنت أفكر كيف أذهب لوالدتي في المستشفى؟ لأن الجميع داخل القاعة، ولا يوجد أحد خارج المحكمة ليقلني بسيارته، والمحكمة تقع على طريق مصر الإسماعيلية الصحراوي، وإيقاف أي وسيلة مواصلات أمر في غاية الصعوبة، وجاء الفرج التالي من الله عزَّ وجلَّ؛ حيث وجدت أحد أبناء الإخوان المعتقلين في نفس القضية متواجدًا بسيارته خارج الوحدة، والذي اصطحبني إلى المستشفى وكانت الأزمة التالية".

سألتها بالطبع عن الأزمة.. وهل هي حالة والدتها؟

فقالت إن حالة والدتها كانت صعبة جدًّا؛ حيث دخلت في غيبوبة جزئية، ولم نكن نعرف هل أُصيبت بالشلل مثلاً وما حقيقة الوضع؟ وهو موقف كان يتطلب وجود الوالد؛ لأنه القادر على اتخاذ القرار الصائب إذا ما قرَّر الأطباء إجراء عملية جراحية، وكان معنا في المستشفى عمي شقيق والدي وعمي الدكتور محمود عزت، والذي تلقى اتصالاً من أحد المحامين في هيئة الدفاع المتواجدين في المحكمة، يقول له الرسالة الآتية: المهندس خيرت بيقول خلوا الدكتور محمود عزت يجيب الدكتور ممدوح سلامة للكشف عنها وتحديد الإجراءات التي يجب اتخاذها، ونفذوا ما يقوله على الفور "والدكتور ممدوح سلامة من أشهر أطباء المخ والأعصاب، والحصول عليه أمر في غاية الصعوبة؛ رغم أنه على صلة بالدكتور محمود عزت"، ووقتها كان عمي والدكتور محمود عزت يتساءلان.. كيف نصل للدكتور ممدوح سلامة؟ وهل يستطيع أن يحضر لنا بسرعة، وخلال حديثهما ونحن نراقبهما في انتظار أي قرار ينقذ والدتي إذا بالدكتور ممدوح سلامة ينزل من سيارته أمامنا؛ حيث جاء إلى المستشفى لزيارة أحد أصدقائه، ووقتها عرفت بل تأكدت أن الله سوف ينقذ والدتي وهو ما حدث فعلاً.

وتضيف زهراء أن والدها عرف بخبر مرض والدتها من أحد المحامين بعد انتهاء الجلسات، والذي أخبره على الفور بالرسالة السابقة، وبالفعل سامحني على انصرافي من الجلسة، وتؤكد أن هذه القضية شهدت العديد من الأمور التي تؤكد حفظ الله لأسر المعتقلين، فمثلاً ابنة محمد حافظ تعرَّضت لالتهاب رئوي حاد؛ ولكن الله نجَّاها منه، كما تعرضت أكثر من عائلة لحوادث تصادم ولكن الله سلم أبناءها.

خبر الإحالة

الحديث عن معية الله لم يتوقف عند مرض زوجة المهندس خيرت الشاطر أو ابنة محمد حافظ، وإنما تجاوز أمورًا أخرى أكدت للمعتقلين أن الله معهم، ولن يتركهم هكذا، قال أيمن عبد الغني- والذي استكمل حديث زوجته- قائلاً: "ونحن في السجن كنا نفكر في أمور كثيرة، فمنا من يفكِّر في الأبناء، ومنا من يفكِّر في القضية؛ ولكن لم يفكر أحد في مصير هذه القضية؛ لأننا نعلم أن مصيرنا بيد الله عزَّ وجلَّ، وكثيرًا ما تعرَّض بعضنا لمواقف، يزيد من معاناتها أنه داخل أربعة جدران، ولكنه يرى في المنام رؤية تخفف عنه ألمه، أو تهدي إليه تفكيره وحتى مع الأخبار السيئة الخاصة بوفاة أو مرض أحد أسر المعتقلين كان الله عزَّ وجلَّ يخفِّف عنا هذه المحن، وكانت رابطة الأخوة التي تجمعنا من أكثر الأشياء التي تخفِّف عنا المصائب، وتهوِّن علينا الصعاب.

وتعود زهراء لتتذكر اليوم الذي صدر فيه خبر الإحالة إلى المحكمة العسكرية، مشيرةً إلى أنها تلقت اتصالاً من أحد الصحفيين يخبرها بقرار الإحالة ويطلب منها تعليقًا، فطلبت منه أن يحدثها بعد عدة دقائق لتتأكد من الخبر، وتقول زهراء: "طلبت هذا الطلب حتى أستجمع قوتي فقد كان الخبر علينا شديدًا.. لأن المحكمة العسكرية؛ معناها أحكام قاسية بعد حكمين من محكمة الجنايات بالإفراج عنهم، وبعد غلق الهاتف ذهبت مسرعة للتليفزيون لأستمع لقناة (الجزيرة)؛ لأنها ستذيع الخبر، ولكن يدي جاءت على رقم غير رقم قناة (الجزيرة) عن طريق الخطأ، وكانت إحدى القنوات الدينية التي كان على شاشتها أحد العلماء يتحدث عن قيمة الصبر وجزاء الصبر عند الصدمة الأولى.. فقلت في نفسي إنها مصادفة، ولكن بعد لحظات جاءت والدتي التي كانت خارج المنزل لتقول لنا إنه بعد أن أخبرناها بالخبر ركبت السيارة وفتحت الراديو، والذي كان مؤشره مستقرًّا على إذاعة القرآن الكريم، وكانت هناك تلاوة لآيات الصبر في سورة "آل عمران"، ووقتها تأكدنا أن الأمر لم يكن مصادفةً؛ ولكنها كانت بشرى من المولى عزَّ وجلَّ بأنه معنا، وأنه الذي اختار لنا هذا الطريق وشعرت أن الله لن يضيِّعنا.

ٍعندما سألت زهراء عن سر خصومة النظام لوالدها؟ وهل ترى أن المقابل الذي يدفعه مع غيره من الإخوان يستحق هذه التضحية؟

 فقالت: إن المقابل من عند الله، وأنه علينا أن نعمل وعلى الله عزَّ وجلَّ الأجر والثواب، إلا أنها عادت لتتساءل: لماذا والدي؟.. لماذا خيرت الشاطر؟، ولماذا هو الخصم رقم واحد للنظام؟ رغم أنه إنسان مسالم، وينادي بالإصلاح والعدل والحرية بالطرق السلمية.

المساواة في الظلم

أيمن عبد الغني ذهب بالحديث إلى قضية أخرى؛ وهي ضرورة الإفراج عن المهندس خيرت الشاطر، مشيرًا إلى أنه يستحق الإفراج ليس بنصف المدة في شهر يوليو الجاري، وإنما بثلاثة أرباع المدة؛ لأنه سبق سجن المهندس خيرت احتياطيًّا لمدة عامين متفرقين الأولى عام 1992م في قضية "سلسبيل"، والثانية في قضية "إمبابة" عام 2002م، بعد إطلاق سراحه من عقوبة السجن 5 سنوات في القضية العسكرية عام 1995م، وبضم هذه المدد للمدة التي قضاها الشاطر في هذه القضية 2006م؛ فإنه يستحق الإفراج بثلاثة أرباع المدة، لأن التهم واحدة في القضايا الثلاثة.

ويوضِّح عبد الغني أن القانون يلزم النائب العام بضم هذه المدد بشكل تلقائي، بعد طلب قدمه محامي المهندس خيرت إلا أن هذا لم يحدث؛ ما دفعهم إلى اللجوء للقضاء الإداري، متوقعًا في الوقت نفسه أن تتلاعب الحكومة بالقضية كما يحدث من خلال الطعن أمام محاكم غير مختصة؛ لنجد في النهاية المهندس خيرت وقد قضى كل فترة العقوبة الجائرة من الأساس وهو قمة الظلم.

وفيما يتعلق بالإفراج بنصف المدة تعجب عبد الغني من أن يكون هذا القرار في يد رئيس الجمهورية الذي يعد خصمًا لنا في هذه القضية؛ لأنه هو الذي أحال القضية إلى القضاء العسكري، ولذلك يجب أن يكون هناك تعديل تشريعي لا يجعل هذا الاستثناء في يد رئيس الجمهورية، مؤكدًا أن القضايا السياسية هي أول من تستحق الإفراج بنصف المدة؛ لأنها قضايا خصومة مع النظام، ولا تنطوي تحت طائلة القضايا الجنائية.

ويضيف عبد الغني أنه حصل على حكم بالإفراج بثلاثة أرباع المدة بعد شهر من الإفراج عنه لقضائه كل المدة المقررة في القضية، وهي ثلاث سنوات؛ مما ضيَّع عليه 9 أشهر قضاها خلف القضبان، وهو خطأ تتحمله وزارة الداخلية التي سيقاضيها عن هذه المدة.

 شخصية الشاطر

سألت أيمن عبد الغني عن حماه المهندس خيرت الشاطر داخل السجن؟ وهل هو شخص مختلف عنه خارج السجن؟ فأجاب مؤكدًا أن المهندس خيرت داخل السجن هو نفسه خارجه، فهو الرجل المشغول دائمًا بهموم غيره وحل مشاكلهم والتخفيف عنهم، كما أنه الشخص المشغول أيضًا بهموم وطنه لدرجة أنه- أي أيمن عبد الغني- أصبح مهتمًّا بهذا الهم بعد أن سُجن مع المهندس خيرت؛ لكثرة حديثه عن مصر وأزماتها والمكانة التي تستحقها.

ويضيف عبد الغني أن الشاطر صاحب مشروع نهضوي؛ ولذلك فهو يتحمل في سبيل هذا المشروع كل الصعاب، ويراها عادية؛ لأن طريق الإصلاح لا بد أن يكون محفوفًا بالشوك، بل إنه كان يرد على كل من يدعو له بأن يفك الله سجنه، قائلاً "بل فك الله أسر مصر كلها"، وعندما يتحدث معه أحد عن السجن والاعتقال كان يقول: "وما الفائدة من الخروج في بلد متأزم بالمشاكل بهذا الشكل؟"، ودائمًا ما كان يدعو للإخوان خارج السجن، قائلاً: "ربنا يكون في عون الإخوان اللي بره السجن؛ لأن المشاكل اللي أمامهم كثيرة".

إلا أن أيمن عبد الغني يعود ليطلق جرس إنذار حول صحة المهندس خيرت، ويحمِّل وزارة الداخلية بل رئيس الجمهورية المسئولية الكاملة عن صحته؛ حيث يعاني الشاطر، وطبقًا لتقرير الطبيب الذي كلفته الحكومة بمتابعة حالته، والذي كتب أنه يعاني من الآتي:

- تضخم متسارع في عضلة القلب.

- التهاب في الأطراف العصبية نتيجة السكري.

- ارتفاع في ضغط الدم.

- قصور في الشريان التاجي وشريان القلب.

- حصوات الكلى.

- انزلاق غضروفي حاد.

وأشار إلى أن مرضًا واحدًا فقط من هذه الأمراض كفيل بإطلاق سراحه، موضحًا في الوقت نفسه أن المهندس خيرت يرفض الإفراج الصحي؛ حتى لا تكون منةً من النظام عليه.

 

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وعلى أله وصحبه أجمعين

والله أكبر ولله الحمد