بسم
الله الرحمن الرحيم
|
صفحتنا بيضاء نقية أبية هجمــــة صفر 1431هـ / فبراير 2010 م ((من رياض الجنة أحييكم)) ((الدعوة تسير في طريقها)) غرة جمادى الأولى 1431هـ - 15 إبريل 2010 م |
“
ومالنا ألا نتوكل على الله، وقد هدانا سبلنا، ولنصبرن على ما آذيتمونا وعلى الله
فليتوكل المؤمنون “ سورة
إبراهيم 12 |
*******
فضيلة المرشد يستقبل إخوانه المفرج عنهم
بحضور جميع أعضاء مكتب الإرشاد
استقبل فضيلة الأستاذ الدكتور محمد بديع المرشد العام
لجماعة الإخوان المسلمين عددًا من إخوانه المفرج عنهم مؤخرًا؛ في مقدمتهم الدكتور
محمود عزت نائب المرشد العام والدكتور محيي حامد والدكتور عصام العريان عضوا مكتب
الإرشاد .
كما كان في استقبالهم الدكتور رشاد البيومي والشيخ جمعة
أمين نائبا المرشد العام والدكتور محمود حسين الأمين العام للجماعة وعدد من أعضاء
مكتب الإرشاد منهم: الدكتور محمد مرسي المتحدث الإعلامى باسم الجماعة والدكتور
محمد سعد الكتاتني، والدكتور محمد علي بشر، والدكتور محمد عبد الرحمن، والدكتور
محمود أبو زيد، والدكتور مصطفى الغنيمي، والحاج مسعود السبحي سكرتير المرشد العام،
والمهندس محمد أسامة.
*******
حددت محكمة القضاء الإداري (الدائرة الأولى- أفراد) جلسة 22
يونيو المقبل لنظر الدعوى القضائية المقدمة من هيئة الدفاع عن الدكتور محمود عزت
نائب المرشد العام و3 من أعضاء مكتب الإرشاد، هم: د. محيي حامد، ود. عصام العريان،
ود. عبد الرحمن البر، بالإضافة إلى 12 من قيادات الجماعة بالمحافظات ضد كلٍّ من:
وزير العدل والنائب العام والمحامي العام لنيابات أمن الدولة بصفتهم، والتي طالبوا
فيها الحكم بصفة مستعجلة وبمسودته وقف وإلغاء تنفيذ قرار نيابة أمن الدولة العليا
الخاص بعدم تمكينهم من استئناف القرارات الصادرة بمد حبسهم 15 يومًا على ذمة
التحقيق في القضية رقم 202 لعام 2010م حصر أمن دولة عليا.
واستند دفاع قيادات الإخوان في طعنهم إلى أن قرار النيابة
بمنعهم من استئناف قرارات حبسهم 15 يومًا على ذمة التحقيق جاء بالمخالفة للدستور
والقانون، وافتقر أسبابه المشروعة، فضلاً عن أن النيابة تخطت الاختصاص الذي حدده
لها القانون برفضها الاستئناف المقدم من المعتقلين، على الرغم من أن هذا من اختصاص
المحكمة فقط الذي سلبته النيابة دون وجه حق!.
ووصف عبد المنعم عبد المقصود رئيس هيئة الدفاع في طعنه الوضع
الحالي بالشاذ؛ حيث تحولت نيابة أمن الدولة العليا إلى خصم وحكم في ذات الوقت؛ حيث
إن رفض النيابة الاستئناف المقدم من المعتقلين على قرار حبسهم قد ألحق بهم ظلمًا
بائنًا وضررًا بالغًا؛ الأمر الذي معه استوجب طعنهم ضد هذا القرار التعسفي في حقهم
أمام القضاء الإداري.
*******
رفضت محكمة جنايات شمال القاهرة الاستئناف الذي تقدمت به هيئة
الدفاع ضد استمرار حبس د. أسامة نصر الدين عضو مكتب الإرشاد والأستاذ بمعهد البحوث
الطبية بالإسكندرية، و11 من إخوان البحيرة، وأيدت قرار نيابة أمن الدولة العليا
استمرار حبسهم.
وتشمل المجموعة التي تمَّ ضمُّها إلى مجموعة الدكتور محمود
عزت نائب فضيلة المرشد كلاًّ من: د. أسامة نصر عضو مكتب الإرشاد، ود. محمود
الغندور، ود. إبراهيم الجارية، وياسر الخراشي (محامٍ)، وم. عادل الخولي، وم. أحمد
العسال (مهندس زراعي)، ومصطفى الطحان (مدرس)، وم. عادل القطري (مهندس زراعي)، وم.
أحمد المسيري (مهندس زراعي)، وحسن عاصي (مدرس تربية رياضية)، وم. ياسر خميس، ونبيل
بدر (محاسب).
وكانت أجهزة الأمن اعتقلت المجموعة أثناء وجودهم بمنزل أحدهم
بمدينة دمنهور بالبحيرة مساء 18 فبراير الماضي
*******
قرار باعتقال 3 من علماء الأزهر
وترحيلهم إلى برج العرب
أصدرت الداخلية قرارًا باعتقال 3 من علماء الأزهر بكفر الشيخ وترحيلهم إلى سجن
برج العرب، بعد مرور 35 يومًا على القبض عليهم من منازلهم يوم 25 فبراير الماضي،
واحتجازهم بترحيلات كفر الشيخ دون توجيه أيِّ اتهام أو عرضهم على النيابة مع 12
إمامًا وخطيبًا آخرين تمَّ الإفراج عنهم منذ 3 أيام.
والأئمة المعتقلون هم: الشيخ عبد الفتاح فرج “عضو المكتب الإداري للإخوان بكفر
الشيخ ومرشح الجماعة في انتخابات مجلس الشعب 2005م عن دائرة بيلا”، والشيخ عبد
المقتدر عبد الكريم عبد المقتدر “إمام وخطيب من قرية النطاف مركز كفر الشيخ”،
والشيخ عبد الله “مدرس أزهري من قرية الكفر الجديد مركز كفر الشيخ”.
*******
اعتقالات الإخوان في مارس.. حصار نصرة الأقصى
اختطاف أكثر من 400 متضامن واعتقال 119
مهازل في رفض استئناف د. عزت وإخوانه
بلطجة في المحلة وتعنت في برج العرب!
كانت جريمتهم أنهم شاركوا في وقفاتٍ احتجاجية هي أقصى ما يملكونه؛ دفاعًا عن
مقدسات الأمة ونصرةً للمسجد الأقصى المبارك ضد المخططات الصهيونية”، هذا هو حال
أكثر من 400 من الإخوان المسلمين الذين هبوا وخرجوا إلى الشوارع خلال شهر مارس
الماضي؛ تنديدًا بالصمت العربي الرسمي تجاه ما يجري في الأراضي المحتلة.
ولم يجد هؤلاء الشرفاء أمامهم سوى يد النظام الباطشة أو الأجهزة التي حوَّلها
النظام من أجهزة لحماية أمن البلاد الداخلي إلى عصا أمنية غليظة وسيف مصلتًا على
رقاب الإخوان، فلم تكتفِ باختطاف المئات من المتظاهرين، بل شنَّت حملات استباقية
ولاحقة على تلك الوقفات لتطال العشرات من قيادات وأعضاء الإخوان في 10 محافظات.
مهازل
وشهدت بدايات الشهر مهازل قضائية تمثلت في رفض 28 استئنافًا ضد قرارات حبس
الدكتور محمود عزت نائب فضيلة المرشد و4 من أعضاء مكتب الإرشاد هم: د. أسامة نصر
ود. عصام العريان، ود. محيي حامد، ود. عبد الرحمن البر، بالإضافة إلى 23 آخرين من
قيادات وأعضاء الجماعة والمحتجزين على ذمة القضية 202 لسنة 2010م حصر أمن دولة
عليا.
ولم يشفع للمحتجزين ما شهدته أروقة المحاكم من مرافعات تاريخية قادها رموز
القانون ومهنة المحاماة في مصر أمثال المستشار محمود الخضيري نائب رئيس محكمة
النقض المستقيل والدكتور محمود السقا أستاذ القانون الدستوري، نفوا خلالها وجود
مبررات للحبس الاحتياطي بحق مجموعة من الشرفاء الذين شهد لهم القريب والبعيد
بطهارة اليد.
وفي فصلٍ جديدٍ من فصول المهزلة لاثنين من المحتجزين على ذمة القضية، نقلت
إدارة مستشفى ليمان طرة د. محمد سعد عليوة رئيس قسم المسالك البولية بمستشفى بولاق
الدكرور إلى مستشفى المنيل الجامعي؛ بعد تدهور حالته الصحية، وعدم وجود أجهزة
تراعي حالته الصحية التي تتدهور يومًا بعد الآخر، ليجاور بذلك د. محمد عبد الغني
اختصاصي الرمد بمستشفيات جامعة الزقازيق المحتجز بوحدة الدكتور شريف مختار للحالات
الحرجة... ولم تهدأ الحملات الأمنية المسعورة ضد الإخوان خلال شهر مارس؛ حيث وصل
عدد المحتجزين إلى 368 معتقلاً ومحبوسًا، وأسفرت 6 حملات متلاحقة عن اختطاف نحو
420 من الإخوان في 10 محافظات، وتحدَّت وزارة الداخلية أحكام القضاء وقرارات
النيابة بالإفراج واعتقلت 119 منهم.
وجاءت محافظة الشرقية في المركز الأول من حيث عدد المختطفين أو من تم
اعتقالهم، حيث بلغ عدد المختطفين خلال تلك الحملات نحو 181 تم اعتقال 41 منهم،
وجاءت محافظة الإسماعيلية ثانيةً؛ حيث اختطف 97 عقب وقفات نصرة الأقصى في 12 مارس
تم اعتقال 15 منهم، في مقدمتهم الدكتور محمد طه وهدان مسئول المكتب الإداري لإخوان
المحافظة.
جاءت بعد ذلك محافظة البحيرة برصيد 54 اعتقلت وزارة الداخلية 7 منهم، تلتها
الإسكندرية بنصيب 47 تم اعتقال 12 منهم، وفي الغربية نحو 29 اعتقل منهم 9، وفي بني
سويف 21 اعتقل 5 منهم، و15 في محافظة الجيزة اعتقلوا جميعًا وفي مقدمتهم الحاج سيد
نزيلي مسئول المكتب الإداري لإخوان المحافظة.
وجاءت محافظتا المنوفية والدقهلية بنصيب 10 لكل منهما، اعتقلت أجهزة الأمن 7
في كل محافظة، تلتهم محافظة أسيوط بنصيب 7 محتجزين رهن الحبس الاحتياطي، فيما
يتوزع عشرات المحتجزين بالمحافظات بين الحبس الاحتياطي وأروقة المحاكم المختلفة
لنظر استئنافات قرارات حبسهم.
بلطجة وتعنت
وفي حلقة جديدة من سلسلة العسف والبلطجة مارس ضباط أمن الدولة بمدينة المحلة
الكبرى بالغربية جريمة أخلاقية بشعة عندما نزع أحدهم نقاب زوجة أحد الإخوان وضربها
وسبها بألفاظ نابية وسرق 2700 جنيه من حقيبتها، فضلاً عن ترويع الأطفال؛ وذلك
أثناء عملية اعتقال زوجها المحاسب محمد الشرقاوي.
وتواصلت حلقات التعنت؛ حيث تقدم محامو الإخوان ببلاغٍ إلى النائب العام ضد
إدارة سجن برج العرب؛ تنديدًا بالمعاملة غير الإنسانية التي يلقاها 68 من قيادات
وأعضاء جماعة الإخوان المسلمين من إدارة السجن، التي تتعنت معهم بالمخالفة للقانون
والدستور، وتمنعهم من أبسط حقوقهم الإنسانية التي أقرتها المواثيق والشرائع
الدولية.
وقال عبد المنعم عبد المقصود محامي الجماعة: إن الظروف التي يعيشها المعتقلون-
على رأسهم الحاج سيد نزيلي (73 سنة) مسئول المكتب الإداري لإخوان الجيزة- لا ترقى
لأبسط المستويات الآدمية؛ حيث يتم حشر أكثر من 14 معتقلاً داخل زنزانة ضيقة لا
تتعدى مساحتها 9 أمتار مربعة... وكشف أحد أبناء المعتقلين بسجن برج العرب أن مدير
السجن يتاجر في السلع الغذائية مع أسر المعتقلين؛ حيث إنه يبيع لهم الدجاجة بـ40
جنيهًا، بدلاً من الفول المسوس والطعام غير الآدمي المقدم لهم، فضلاً عن تفتيش
الأهالي عند الزيارة تفتيشًا مهينًا؛ لدرجة أنهم يكسرون “الخيار” ويفتحون علب
العصائر؛ خوفًا من أن يكون بداخلها شيء يخبئه أهالي المعتقلين!!.
إدانات حقوقية
واستفزت تلك الحملات الأمنية مشاعر الحقوقيين الذين عبروا عن استيائهم الشديد
من سوء استخدام الأمن لقانون الطوارئ، على الرغم من تعهدات الحكومة بعدم استخدامه
إلا في حالات الإرهاب أو ضد تجار المخدرات.
ووصف الحقوقيون استمرار تلك الحملات بأنها “غباء سياسي” من جانب النظام ولجوء
لاستخدام العنف ضد معارضة سياسية لم تعرف العنف طوال تاريخها، فضلاً عن تعبير عارم
عن الفشل في مواجهة فكر الإخوان وانتشارهم في المجتمع.
وأكد خبراء ومراقبون سياسيون أن النظام يشنُّ حملات استباقية لإجهاض محاولات
الإخوان المشاركة في انتخابات مجلسي الشعب والشورى، وعرقلة تحركاتهم في الشارع
خلال الشهور المقبلة.
*******
الإخوان في صالونها :
قالت إن الدولة اغلقت 21 شركة لها وصادرت 15 مليون
جنيه منها:
نعيش جمهورية الرعب وسلطات مبارك تجاوزت سلطات
الإمبراطور الرومانى
(المصريون)
09-04-2010
أكد الدكتور محمد سعد الكتاتنى رئيس الكتلة
البرلمانية للإخوان أن النظام الحاكم يستخدم قانون الطوارئ طوال الثلاثين عام
الماضية فى ممارسة أبشع الممارسات ضد المواطنين وينتهك الحريات ويتجسس على
المواطنين ويعتقل المئات ويستخدم حالة الطوارئ فى التنكيل بخصومه السياسيين.
وقال الدكتور الكتاتنى فى الندوة التى أقامها
الصالون السياسي لكتلة الإخوان البرلمانية تحت عنوان “ تأثير الطوارئ على الحياة
السياسية والإجتماعية فى 30 سنة “ أن حالة الطوارئ المستمرة التى تعيش تحت وطأتها
مصر تسببت فى شلل الحياة السياسية والإجتماعية وأن كل المصائب التى حلت بالبلاد
كانت بسبب قانون الطوارئ ، بينما قال الدكتور حمدى حسن المتحدث باسم الكتلة
البرلمانية أن النظام وأجهزته الأمنية أصبحا غير قادرين على الإستغناء عن قانون
الطوارئ بعد أن أصبح القانون الإستثنائى قانونا دائما ووجدت الحكومة أن الأسهل لها
الحكم من خلال قانون الطوارئ الذى أسرفت فى إستخدامه ضد الأحزاب السياسية والقوى
الوطنية بدلا من إستخدامه فى مواجهة تجارة المخدرات التى إزدهرت بشدة طوال عهد
الطوارئ وقال حسن أن عدد المعتقلين الإخوان بلغ فى عام 2007 2669 وفى عام 2008
3674 أما فى عام 2009 فبلغ عدد المعتقلين 5022 فى حين بلغ عدد الشركات المملوكة
للإخوان التى تم إغلاقها 21 شركة وتم التحفظ على أموال بلغت 15 مليون جنيه ، وقال
حسن أن قانون الطوارئ تستخدمه الحكومة فى قمع المجتمع والزج بالمعارضين فى السجون
بعد أن توحش جهاز الأمن ، وقال حسن أن هايتى ضربها زلزال مدمر ورغم ذلك لم تطبق
الطوارئ إلا لمدة 28 يوم فقط ، فى حين أن قاون الطوارئ أصبح يطبق على كل شئوننا
لدرجة أن تطبيق التوقيت الصيفى يصدر به قرار من رئيس الجمهورية فى الوقت الذى هربت
الأموال للخارج وتراجع الإستثمار وهرب المصريون بفلوسهم خارج البلاد .
أما الدكتور عمار على حسن فقال أن سلطات الرئيس
مبارك فى ظل قانون الطوارئ تجاوزت السلطات التى كان يتمتع بها الإمبراطور الرومانى
فى عهد الإمبراطورية الرومانية وأن قانون الطوارئ جعلنا نعيش فى جمهورية الرعب بعد
أن إنتشرت ثقافة الخوف ولم يعد المواطن يشعر بكرامته أو بذاته فى الوقت الذى
تراجعت سلطة القضاء امام تغول السلطة التنفيذية التى نشرت ثقافة البلطجة بعد أن
ضربت بأحكام القضاء عرض الحائط ورفضت تنفيذ الأحكام الصادرة ضدها، وقال عمار أن
المصريين ألفوا وتعايشوا مع قانون الطوارئ بحكم الزمن وأصبحت حالة الطوارئ
الإستثنائية هى القاعدة ، مشيرا إلى أن هذا القانون أدى إلى عسكرة المجتمع وأصبحنا
نعيش فى ظل حكم بوليسى حيث يستطيع أصغر ضابط إعتقال أى مواطن ويلفق له تهمة أقلها
أنه إرهابى، وإنتقد إنفراد الفئة الحاكمة بسن القوانين والتشريعات التى تحافظ على
مصالحها بالمخالفة للقانون والدستور.
*******
رابط
مجموعة التضامن مع المعتقلين::
http://www،facebook،com/group،php?v=photos&ref=ts&gid=60388571827#!/group،php?v=info&gid=60388571827
*******
الشريط الإخباري ... الشريط الإخباري
... الشريط الإخباري ... الشريط الإخباري ... الشريط الإخباري
... الشريط الإخباري
من رياض الجنة أحييكم ...
رسالة الأستاذ عبد الحميد صالح
من معتقل وادي النطرون إلي ابنه
لي ابن صغير ... محمود ... ست سنين طال غيابي عنه سأل امه أين
أبي ؟!!
قالت جزاها الله
خيراً أبوك في رياض الجنة ... صدق المسكين الكلمة... وزاد تصديقه بها عندما زراني لأول مرة في سجن وادي النطرون ورآني وزملائي بلباس أبيض .... ظل يردد أبي في رياض
الجنة .
ذات يوم قال له اخوه
الكبير محمد بغلاسته المعهودة الجميلة “
فوق يابني أبوك في السجن “ .
غضب الصغير وحزن... وقال لا بل ابي في رياض الجنة نعم يابني ابوك في
رياض الجنة .
ألم يقل رسول الله صلي الله عليه وسلم “ اذا مررتم برياض
الجنة فارتعوا “ ... قالوا يارسول الله وما رياض الجنة قال
“حلق الذكر”
وها نحن نتنفس الذكر ليلاً ونهاراً... نذكره سبحانه ذكراً
كثيراً ونسبحه بكرة واصيلا... حيث القلب الخالي من هموم الدنيا وشواغلها .
هنا الذكر له طعم آخر
... والدعاء الخاشع الذليل له لذة
لايدانيها لذة ... هنا تشعر أنك قريب من الله عن اي وقت مضي ...
هنا
تشعر بمعية الله وبكنف الله وبحفظ الله ... هنا تشعر بحلاوة الإيمان والتضرع وحلاوة المناجاة .. هنا تشعر ببرد اليقين يلامس
قلبك بحنان جارف...
الم يقل أحد السائرين إالي الله “لو يعلم الملوك مانحن فيه
من لذة القرب إالي الله لجالدونا عليها
بالسيوف “... ويقول آخر “إنه لتمر علي أوقات من القرب إلي الله أقول في نفسي لو أن أهل الجنة في مثل مانحن فيه من نعيم .. إنهم
لفي نعيم عظيم “.
ويقول آخر وهو يتطلع
إلي جنة الآخرة “ إن في الدنيا جنة من لم يدخلها لم يدخل
جنة الآخرة ألا وهي الانس بالله “
نعم يابني ... ابوك في رياض الجنة أليس جنة المؤمن في قلبه ...
قالها قديماً ابن تيمية حال سجنه بالقلعة “ ماذا
يفعل اعدائي بي ، إن سجني في قلبي .. وإن قلبي قلبي يملكه ربي ... إن سجنوني فسجني خلوة وإن نفوني فإن نفيي سياحة
وإن قتلوني فقتلي شهادة “... هنا نعيش في رياض الجنة حقاً...
مع إخوان لنا ملء السمع والبصر ... تري منهم الحب والإخاء
والمودة والرحمة لاتسمع هنا لغو ولا تأثيم
ولاتشعر بحقد أو حسد أو ضغينة ... قلوبنا تتطلع إلي ذلك اليوم الذي يجمعنا الله عز وجل فيه أنا وانتم واهلينا أجمعين .. في
مستقر رحمته في جنة الخلد ... حيث لاكدر ولا عناء ... فيها ما لاعين رأت ولا أذن سمعت
ولاخطر علي قلب بشر ...
قال الله تعالى: (وَالَّذِينَ
آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ
ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ
مِنْ شَيْءٍ ) (رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا
وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً).
أخوكم عبد الحميد
صالح سجن وادي النطرون في 28/3/2010
*******
مع
الابتلاء ..
انهالت
علينا فيوضات الخير
والرحمات
د.
أحمد جابر الحاج - الأستاذ
بكلية طب الزقازيق
من فضل الله
علينا في تجربة الاعتقال أنه سبحانه شملنا بالسكينة والرحمة منذ اللحظات الأولى، وأصبحت
معية الله والتوكل عليه معك مثل أنفاسك ونبضات قلبك،
وأصبحت
آيات القرآن لها معاني جديدة لم تخطر على بالك يوما،
وأصبحت
أوقات الصلاة حياة أخرى تستشعر فيها كيف يكون القيام بين يدي الله، وأصبح
الدعاء والذكر والمناجاة عبادات حية لها روح وأثر لا يوصف، وظهرت
حالة جديدة لم تكن تُدرك من قبل بسهولة ألا وهي الخلوة مع النفس، ففي معترك الحياة
يصبح قريب من المستحيل أن تحصل على هذا الوقت لتخلوا مع نفسك بدون علائق أو مشاغل
أو ملهيات، وعندها تعيش معنى قول ابن عطاء الله: ما نَفَعَ القَلْبَ شَئٌ مِثْلُ
عُزْلةٍ يَدْخُلُ بِها مَيْدانَ فِكْرَةٍ، وكذلك قوله: ادْفِنْ وُجودَكَ في أَرْضِ
الخُمولِ، فَما نَبَتَ مِمّا لَمْ يُدْفَنْ لا يَتِمُّ نِتاجُهُ.
وهذا ليس
شعور خاص بي وحدي، أو أفراد عائلتي، ولكنه تردد أمامي من معظم من قابلت من إخواني
فى خلال هذه الرحلة متعددة المحطات ما بين حجز قسم الشرطة والنيابة والمحاكم
والسجون والترحيلات، حتى أحسسنا تحقق الآية الكريمة (فَانقَلَبُواْ
بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ) (من
الآية 174 آل عمران) فكل ما نتعرض له يندرج تحت ما وصفته الآية الكريمة (لَن يَضُرُّوكُمْ إِلاَّ أَذًى) (من الآية 111 آل
عمران) وصدق الله الذي يقول (وَإِن تَصْبِرُواْ
وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ
مُحِيطٌ) من الآية 120 آل عمران
وإذا تأملت
الابتلاء وجدته أساس وجود الإنسان (إِنَّا خَلَقْنَا
الإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا
بَصِيرًا) الإنسان 2. بل هو أصل وجود الحياة (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ
أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ) تبارك 2. فلا يمكن أن ينقطع
الابتلاء عن الحياة. والابتلاء ليس بالشر فقط، يقول الله سبحانه: (وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا
تُرْجَعُونَ ) الأنبياء 35.
قد
يُنعم الله بالبلوى وإن عظمت * * * ويبتلي الله
بعض القوم بالنعم
وعلى قدر
النجاح في هذه الابتلاءات تقسم الدرجات يوم القيامة، يقول رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ “عِظَمُ الْجَزَاءِ مَعَ
عِظَمِ الْبَلَاءِ وَإِنَّ اللَّهَ إِذَا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلَاهُمْ فَمَنْ
رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السُّخْطُ “ رواه الترمذي
وابن ماجة وصححه الألباني.
وأكثر الناس
بلاءً الأنبياء، فعن سعد بن أبي وقاص ـ رضي الله عنه ـ قال: قُلْتُ يَا رَسُولَ
اللَّهِ، أَيُّ النَّاسِ أَشَدُّ بَلَاءً؟ قَالَ: “الْأَنْبِيَاءُ
ثُمَّ الْأَمْثَلُ فَالْأَمْثَلُ، فَيُبْتَلَى الرَّجُلُ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ
فَإِنْ كَانَ دِينُهُ صُلْبًا اشْتَدَّ بَلَاؤُهُ، وَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ
رِقَّةٌ ابْتُلِيَ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ، فَمَا يَبْرَحُ الْبَلَاءُ بِالْعَبْدِ
حَتَّى يَتْرُكَهُ يَمْشِي عَلَى الْأَرْضِ مَا عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ”
(الترمذي)
يقول ابن
عطاء الله: ما تَرَكَ مِنَ الجَهْلِ شَيْئاً مَنْ أَرادَ أَنْ يَحْدُثَ في
الوَقْتِ غَيْرُ ما أَظْهَرَهُ اللهُ فيِهِ. فلابد أن يعلم المصاب أن المصيبة واقعة، فيوطن
نفسه على أن كل مصيبة تأتي إنما هي بإذن الله – عزَّ وجلَّ – وقضائه وقدره فإن
الأمر له، فإنه كتب مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، (مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي
أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى
اللَّهِ يَسِيرٌ * لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا
بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ )
[الحديد: 22- 23]، ويعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوه بشيء لم ينفعوه أو
يضروه فلن يحصل ذلك إلا بشيء قد كتبه الله له أو عليه.
تأمل معي
هذه الآيات: يقول الله تعالى: (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ
مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمْوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ
وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ
إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ
مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ) البقرة
155-157.
(وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ
وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ ) محمد 31. (أَحَسِبَ
النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ
فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا
وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ) العنكبوت 2-3. (أَمْ حَسِبْتُمْ أَن
تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم
مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ
وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ
قَرِيبٌ)
(214) سورة البقرة.
والاعتقال
أحد الابتلاءات التي قد تجري على من يشاء الله من عباده، وينطبق عليه ما ينطبق على
غيره.
والناس
حين نزول البلاء ثلاثة أقسام:
الأول:
محروم من الخير يقابل البلاء بالتسخط وسوء الظن بالله واتهام القدر
الثاني:
موفق يقابل البلاء بالصبر وحسن الظن بالله
الثالث: راض
يقابل البلاء بالرضا والشكر وهو أمر زائد على الصبر
والمؤمن (نسأل
الله أن نكون من المؤمنين) كل أمره خير، فهو في نعمة وعافية في جميع أحواله، قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ عجباً
لأمر المؤمن، إن أمره كله خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان
خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له “ (رواه
مسلم )، وفي صحيح البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله
عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “ ما يصيب
المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها إلا كفر
الله بها من خطاياه” .
وبقدر ما
ينزل البلاء، بقدر ما يصاحبه اللطف من الله، يقول ابن عطاء الله: مَنْ ظَنَّ
انْفِكاكَ لُطْفِهِ عَنْ قَدَرِهِ فَذلِكَ لِقُصورِ نَظَرِهِ .ويقول ابن عطاء الله أيضا: ليُخَفِّفْ أَلمَ
البَلاءِ عَلَيْكَ عِلْمُكَ بِأَنَّهُ سُبْحانَهُ هُوَ المُبْلي لَكَ. فَالَّذي
واجَهَتْكَ مِنْهُ الأقْدارُ هُوَ الَّذي عَوَّدَكَ حُسْنَ الاخْتِيارِ.
يقول ابن
القيم ـ رحمه الله ـ: “وإذا تأملت حكمته سبحانه فيما ابتلى به عباده وصفوته، بما
ساقهم به إلى أَجَلِّ الغايات وأكمل النهايات التي لم يكونوا يعبرون إليها إلا على
جسر من الابتلاء والامتحان، وكان ذلك الجسر لكماله كالجسر الذي لا سبيل إلى عبورهم
إلى الجنة إلا عليه، وكان ذلك الابتلاء والامتحان عين المنهج في حقهم والكرامة،
فصورته صورة ابتلاء وامتحان، وباطنه فيه الرحمة والنعمة، فكم لله من نعمة جسيمة،
ومنة عظيمة تجنى من قطوف الابتلاء والامتحان.
ويقول أيضا
رحمه الله: “ولولا هذا الابتلاء والامتحان لما ظهر فضل الصبر والرضا والتوكل
والجهاد والعفة والشجاعة والحلم والعفو والصفح، والله سبحانه يحب أن يكرم أولياءه
بهذه الكمالات، ويحب ظهورها عليهم ليثني بها عليهم هو وملائكته، وينالوا باتصافهم
بها غاية الكرامة واللذة والسرور، وإن كانت مُرةٌ المبادئ فلا أحلى من عواقبها،
ووجود الملزوم بدون لازمه ممتنع”.
أن الأذى
الذي يلحق المؤمن بسبب إيمانه وجهاده يترتب عليه من الفوائد العظيمة، والعواقب
الحميدة ما يجعل هذه المحنة منحة، والبلية عافية ورحمة، وذلك لما يتضمنه البلاء من
تقوية الإيمان، وزيادة اليقين، ورفعة الدرجات، ومضاعفة الحسنات، وتكفير السيئات،
وإلجاء العبد إلى فاطر الأرض والسموات، وإشعاره بفقره وضعفه، وشدة حاجته إلى ربه،
وحمله على الانكسار بين يديه، ورفع أكف الضراعة إليه، فيفتح الله له بسببه من
أبواب رحمته، وحلاوة طاعته، ولذة مناجاته، والقرب منه وصدق اللجوء إليه، ما هو خير
وأبقى من ذلك المتاع الذي فاته بهذا البلاء.
نسأل الله
سبحانه وتعالى أن يرزق أهل الابتلاء الصبر والثبات والإخلاص ويتقبل منهم وأن يبرم
لهذه الأمة أمر رشد، يُعَزُ فيه أهل طاعته، ويُهدى فيه أهل معصيته، ويُذَلُ فيه
أهل عداوته، ويُأمر فيه بالمعروف، ويُنهى فيه عن المنكر، ويُحكم فيه بشرعه، إنه
نعم المولى ونعم النصير وهو حسبنا ونعم الوكيل.
*******
معنى أن تكون سجيناً ..
د/
عصام العريان
السجن
هو فقدان الحرية والشعور بثقل القيود والأغلال.
والحرية
هي الفطرة التي فطر الله الناس عليها، “متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم
أحرارًا”،
وأن تكون
سجينًا يعني في البداية أمرين:
الأول: أن
تشعر بقيمة الحرية التي لم تكن تحس بها، كالصحة ونعمة العافية التي لا يراها إلا
المرضى تاجًا على رءوس الأصحاء.
الثاني:
أن تعلم معنى الحرية الحقيقية، فليست الحرية مجرد الانطلاق بالجسد بلا قيود، فهناك
حرية الروح التي لا تحدها حدود ولا توقفها سدود، ولا تقيدها أغلال ولا تحوطها
أسوار.
هنا تقرأ
قول الله تعالى بتأمل وتفكر: ﴿فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ
بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ
الْعَذَابُ﴾ (الحديد: من الآية 13).
وتشعر
بالمعنى الذي قصده شيخ الإسلام أحمد بن تيمية عندما دخل سجن قلعة دمشق عدة مرات،
فقال: “ما يفعل أعدائي بي، إن سجني خلوة، وقتلي شهادة، ونفيي سياحة، جنتي وبستاني
في صدري، أينما ذهبت فهي معي لا تفارقني”.
وتردد مع
الشهيد سيد قطب ترنميته الرائعة:
أخي
أنت حر وراء السدود أخي أنت حر
بتلك القيود
إذا
كنت بالله مستعصمًا فماذا يضيرك كيد العبيد
إذا سيطر
عليك المعنى الأول للحرية فإنك سيضيق صدرك إذا أغلقوا عليك الأبواب أو منعوك من
الزيارات.
أما إذا عشت
المعنى الثاني للحرية الحقيقية فأنت ستشعر بالأنس الحقيقي مع الله؛ حتى لو أغلقوا
عليك الأبواب ولو عاقبوك بالسجن الانفرادي الذي عرفته مرتين، الأولى لـ21 يومًا في
سجن القلعة عام 1981م، وسط التعذيب والتشريد ومنع كل شيء أثناء التحقيقات في قضية
اغتيال السادات، والثاني لـ7 أيام عقوبة على احتكاك بمأمور سجن ملحق المزرعة؛ حيث
لا مؤنس إلا القرآن والذكر والصلاة، ولا حديث إلا بالتأمل والتفكر في حكمة الله
وقدرته وتصريفه للكون.
السجن هو
ابتلاء ومحنة، وامتحان وتجربة.
وإن تكون
سجينًا أن تتأمل في سنة الابتلاء في الكون، وحكمة الله فيه.
وأن أنسى لا
أنسى كلمة والدة الأخ العزيز د. محمد بليغ الذي برأته المحكمة العسكرية في القضية
الأخيرة (قضية خيرت الشاطر ود. بشر وحسن مالك)، وفور خروجه أصابه مرض خطير نادر،
زحف على عضلاته يضعفها ويشلها عن الحركة، حتى قارب الفيروس النادر الوصول إلى قفصه
الصدرى ليمنع عضلاته من التنفس، وتكون النهاية المحتومة، وزرته مع أصدقاء بمستشفى “المقاولون
العرب”؛ حيث يرقد ضعيفًا مسكينًا صابرًا محتسبًا، وقالت أمه:
“كان الأفضل
عندي أن تحكم عليه المحكمة بأي سجن ولو طالت مدته، ولا أراه في تلك الحالة، ونحن
عاجزون عن إنقاذه”، وكانت رحمة الله قريب من المحسنين، فانتقل فورًا إلى ألمانيا
حيث تلقى علاجًا عبارة عن مصل منع انتشار المرض، وأنقذ الله حياته في اللحظات
الأخيرة.
ونحن نتذكر
الأخ الكريم في نفس القضية من كفر الشيخ (سعيد سعد)، وكان يوم خروجه من السجن هو
يوم ابتلائه الأشد بفقدان ولده البكر في حادثة أليمة، فكان الناس يعزونه ولا
يهنئونه، ولا يدرون ماذا يقولون له، فأنت لا تدري أي ابتلاء ينتظرك؟ وتأمل معي
حكمة ابن عطاء الله التي يقول فيها: “لا تستغرب وقوع الأكدار ما دمت في هذه الدار،
فإنها ما أبرزت إلا مستحق وصفها، وواجب نعتها”.
وقد
يدفع الله عنك ابتلاءً أشد بآخر أخف، وهو السجن.
وقد يمنع
عنك العين والحسد إذا كنت ضيفًا دائمًا على السجون.
وقد يعوضك
الله بنعم وفيرة كثيرة، لا تدركها إذا صبرت ورضيت، وأيقنت بأن اختيار الله لك هو
الخير كله، وهو أفضل من اختيارك لنفسك.
السجن
للبريء ظلم بيّن، واعتداء على حرمات الناس أثيم.
وإذا
ذقت الظلم مرةً أو مرات، فستتعلم ألا تظلم أحدًا، وأن تكون رحيمًا بالخلق، كريمًا
مع أعدائك، ذا مروءة مع خصومك.
وإذا غصت في
المعاني فستعذر كل مَن يتعامل معك؛ لأنهم أدوات ووسائل ليس لهم من الأمر شيء.
ستكون
لطيفًا صابرًا حكيمًا في تعاملك مع السجَّان الذي تراه يوميًّا يغلق عليك الباب
الحديدي بقسوة، وفي تعاملك مع الحارس الذي يصحبك كل ترحيلة إلى النيابة أو
المحكمة، ومعه ورقة تشدد عليه أن يكون غليظًا معك؛ لأنك شديد الخطورة ويخشى من
هربك، ومع رئيس النيابة الذي يحقق معك في تهم هو أول مَن يعلم تهافتها وبطلانها وعدم
جديتها، ومع الطبيب الذي يخاف أن يقترب منك وأن يقرر في الأوراق خطورة مرضك؛ لأن
فوق رأسه ضابط أمن دولة يملي عليه القرار، وحتى مع رءوس جهاز أمن الدولة الذين كنت
تلقاهم بالأمس باشين مرحبين، فإذا بهم يدبجون المذكرات الباطلة التي لا بد منها
شكليًّا لحبسك ومحاكمتك وسجن لسنوات طوال.
حتى هذا
السياسي الباطش الديكتاتور الذي يوهمه البعض بخطورتك، وتدفعه التقارير السرية أو
أجهزة المخابرات الأجنبية إلى البطش بك؛ لأنه لا يظلمك أنت وحدك، بل يمتد ظلمه إلى
البلاد والعباد، وهو يظن أنه يحسن صنعًا؛ لأنه في تقديره يحمي البلاد من خطرك
الموهوم أو من خطر التدخل الأجنبي المزعوم.
والأحق
بالعذر أيضًا هم أهلك الذين قد يتخلفون عن زيارتك أحيانًا أو يبطئون بها حينًا،
وأصدقاؤك الذين ظننت أنهم لن يتأخروا عن مؤازرتك فإذا بهم ينشغلون عنك بزحمة
الحياة، ورفيق الزنزانة الذي يرقد بجوارك، ووجهه في وجهك 24 ساعة؛ بسبب الظروف
النفسية والاجتماعية التي يمر بها، بل تعذر المساجين الذين لا يتوقفون عن طلب
المساعدة ويظنون بك الخير، ولا يدرون أن استغاثة السجين بالسجين هي مجرد تنفيس عن
النفس ولا تجدي نفعًا.
أن تكون
سجينًا يعني أنك تتعرف على قدرك الحقيقي وقوة تأثيرك في الحياة.
وأنت حر
طليق تتصور أن دولاب الحياة سيتوقف إذا غبت أو سافرت أو مرضت، فما بالك إذا سُجنت.
وعندما تمر
بك الليالي والأيام وأنت خلف الأسوار تشعر حينئذٍ بقيمتك الحقيقية، وأنك لست
الرزاق، ولا المدير الخطير، ولا المسئول الهام.
كل شيء يسير
كما كان دون توقف أو تأثير، أنت مجرد أداة لقدر الله، وقدر الله لا يتوقف عليك ولا
على غيرك.
حينئذٍ
ستعرف أهمية أن تعلّم زوجتك وأولادك وإخوانك معنى الإيمان الحقيقي بالله تعالى
وقدرته وحياته وغناه وقوته، وأنهم وأنت والكون جميعًا يسير بإرادته، وهو سبحانه
مسبب الأسباب ومقدّر الأقدار.
أن تكون
سجينًا يعني أن تتعلم البساطة والتواضع، فحياتك تتحول إلى أمور واهتمامات صغيرة
جدًّا، وكل ملكك في الدنيا هي حجرة لا تتجاوز بضعة أمتار في بضعة أمتار، نصيبك
منها قد لا يتعدى مترين مربعين تضع فيها كل أشياءك، هذه المساحة الصغيرة هي حجرة
النوم والطعام والمعيشة والصالون والحمام والمكتب، هي كل حياتك، وطعامك مهما جاءك
من الخارج هو البساطة بعينها، فأنت لا تملك شيئًا، فتعلم أن الله هو مالك الملك
وملك الملوك.
تتعلم كيف
تعتمد بعد الله على نفسك في كل شيء، فلا بد أن تنهض لخدمة نفسك وخدمة الآخرين الذين
تجد السعادة في خدمتهم والتخفيف عنهم.
أن تكون
سجينًا يعني أن تقترب أكثر من الله، تشعر بالفقر الحقيقي إليه، والاضطرار الجاد
بين يديه، وترضى عنه سبحانه وترضى بقضائه وقدره، وأن تتعاطف مع كل مظلوم أو سجين
مهما كانت جريمته، وتسأل الله أن يتوب عليك وعليه.
*******
استشعار معية الله
بقلم: د. محيي حامد
إن صاحب الدعوة يوقن بأن الله تعالى هو غايته ومراده، ولذا فإنه يسير في طريق
الدعوة، وزاده في هذا الطريق هو تقوى الله عز وجل، وكما ذكر أحد السلف الصالح “من
أراد التقوى فعليه أن يعيش مع الله بلا خلق، وأن يعيش مع الخلق بلا نفس، وأن يعيش
مع النفس بلا هوى”.
وصاحب الدعوة يعيش مع الله في كل وقت وآن، وفي كل ظرف وحال، وفي السراء
والضراء، وفي الشدة والرخاء، وفي وقت السعة والنعم، وفي وقت الضيق والمحن... وفي
كل هذه الأحوال يستشعر صاحب الدعوة “معية الله” فتطيب نفسه، ويهدأ قلبه، وتسمو
روحه، ويعيش عيشة السعداء، وإن كان في أصعب الأوقات والأحوال، متذكرًا دومًا قول
الله تعالى: ﴿إِلاّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ
اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي
الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ
اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ
كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا
وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (40)﴾ (التوبة)، وعندئذٍ لا يلقي بالاً
بما قد يناله في سبيل دعوته من ظلم أو اضطهاد أو أذى؛ لأن قلبه موصول بالله.
فمن كان مع الله كان الله معه، يلهمه ويرشده إلى طريق الصواب، ويرزقه الصبر
والثبات والعون والسداد، وهو في ذلك متذكرًا قوله تعالى في الحديث القدسي: “... وما يزال عبدي يتقرب بالنوافل حتى أحبَه، فإذا أحببته
كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي
بها، ولئن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه...”.
وهكذا يكون صاحب الدعوة عبدًا ربانيًّا، يحيا بنور الله الذي يقذفه الله تعالى
في قلبه وعقله، فيبصر به بما لا يراه الناس، ويعقل بما لا يخطر على البال، فيرزقه
الله تعالى الحكمة والبصيرة، وهو في ذلك مسترشدًا بقوله تعالى: ﴿قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى
بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي﴾ (يوسف: من الآية 108) فيكون
بفضل الله عليه نموذجًا وقدوةً لمن حوله، يتعلمون منه جوانب العلم والمعرفة
والثقافة والفكر، كما يتعلمون منه الخلق والسلوك، فيصير بذلك الرجل الأمة “الذي
يحيي به الله قلوب وعقول الناس، ويرشدهم إلى طريق الهداية والحق، ويكون لهم عونًا
وسندًا ضد ظلم الظالمين وكيد المستكبرين وبطش الظالمين، فيكون لسان حاله وحال
إخوانه ما ذكره رب العزة في قوله تعالى: ﴿وَكَأَيِّنْ
مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا
أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ
يُحِبُّ الصَّابِرِينَ (146) وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا
اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا
وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (147) فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ
الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (148)﴾
(آل عمران).
وهكذا يرتقي صاحب الدعوة من حال إلى حال، ومن درجة إلى أخرى حتى يصل إلى
الدرجات العلا من الجنة؛ فيكون عندئذٍ من المقربين الذين وصف الله حالهم بقوله
تعالى: ﴿وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (10)
أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (11) فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (12) ثُلَّةٌ مِنْ
الأَوَّلِينَ (13) وَقَلِيلٌ مِنْ الآخِرِينَ (14) عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ (15)
مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ (16) يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ
مُخَلَّدُونَ (17) بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ (18) لا
يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلا يُنزِفُونَ (19) وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ
(20) وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ (21) وَحُورٌ عِينٌ (22) كَأَمْثَالِ
اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ (23) جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (24) لا
يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلا تَأْثِيمًا (25) إِلاَّ قِيلاً سَلامًا سَلامًا
(26)﴾ (الواقعة)، وهكذا يعيش صاحب الدعوة حال المقربين فيكون ذلك
باعثًا للهمة العالية والعمل المتواصل، كما يكون دافعًا للعطاء والتضحية بكل غالٍ
ونفيس، فيهون عليه ما قد يلاقيه؛ لأنه يعلم عظيم الجزاء عند الله سبحانه وتعالى
فيحرص على الوفاء بعهده وبيعته مع الله، مستلهمًا قوله تعالى: ﴿وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ
فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ﴾ (التوبة:
من الآية 111).
إن صاحب الدعوة يدرك أن الطريق شاقٌّ وغير مفروش بالورود وبه الكثير من
الأشواك والعقبات، ولذا فإنه يحرص على تحقيق هذا المعنى الجميل الذي ذكره الصحابي
الجليل أُبي بن كعب رضي الله عنه عندما سأله عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ما
التقوى؟ فقال له: أرأيت إن كنت بوادٍ ذي شوك ماذا تفعل؟ فأجابه بقوله: أشمر
وأجتهد، فقال له: تلك هي التقوى”، ولذا فعلى صاحب الدعوة أن يشمر ويجتهد، وهذا
يتطلب منه عدة أمور أساسية منها:
أولاً: تحديد الآمال والطموحات التي يسعى صاحب الدعوة إلى تحقيقها، وكما قال
الإمام الشهيد حسن البنا- رحمه الله-: “أحلام الأمس حقائق اليوم، وأحلام اليوم
حقائق الغد”.
ثانيًا: تحديد الأهداف والأولويات الأساسية التي يعمل لإنفاذها في واقعه
وميدانه العملي؛ سواء كان ذلك في المجال المعرفي أو الوجداني أو السلوكي أو
المهاري، وهو يضع أمام نصب عينيه صفات المسلم العشر التي ذكرها الإمام الشهيد حسن
البنا- رحمه الله- والتي تشمل: سليم العقيدة، صحيح العبادة، مثقف الفكر، متين
الخلق، قوي الجسم، حريصًا على وقته، منظمًا في شئونه، قادرًا على الكسب، مجاهدًا
لنفسه، نافعًا لغيره”.
ثالثًا: العمل المتواصل الدءوب لتعزيز مواطن القوة وعلاج مواطن الضعف،
مستشعرًا قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا
فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ
(69)﴾ (العنكبوت).
رابعًا: أن يحيا صاحب الدعوة حياة المجاهدين الذين لا تلين لهم قناة، ولقد وصف
الإمام الشهيد حسن البنا- رحمه الله- حال المجاهد، بقوله: “أتصور المجاهد شخصًا
أعد عدته وأخذ أهبته، وملك عليه الفكر فيما هو فيه نواحي نفسه، فهو دائم التفكير
عظيم الاهتمام، على قدم الاستعداد أبدًا، إذا دُعي أجاب، وإذا نُودي لبى، غدوه
ورواحه، حديثة وكلامه، جده ولعبه، لا يتعدى الميزان الذي حدده لنفسه... فترى في
بريق عينية، وتسمع من فلتات لسانه، وتقرأ في بسمات وجهه ما يدلك على ألم دفين في
صدره ....”.
خامسًا: الحرص على طلب الشهادة في سبيل الله، والعمل من أجلها، مستشعرًا قوله
تعالى: ﴿وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا
وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (140)﴾
(آل عمران)، وصاحب الدعوة يتمنى ويرجو أن يكون من هؤلاء الشهداء الذين يمن الله عز
وجل عليهم ويصطفيهم لهذه المنزلة العظيمة.
وبعد...
فإن استشعار “معية الله” على طريق الدعوة هي الركيزة الأساسية لصاحب الدعوة،
والتي بدونها لا يستطيع تحمل عقبات هذا الطريق، ولا يمكن له أن يستكمل طريقه إلى
الله عز وجل وإلى جنته وحسن مثوبته... نسأل الله العظيم أن يحقق آمالنا، وأن
يوفقنا لما يحبه ويرضاه، فهو القادر على كل شيء، فهو السميع لدعائنا، وهو البصير
بأحوالنا، وهو القاهر فوق عباده وهو الحكيم الخبير... وآخر دعوانا أن الحمد لله رب
العالمين.
آراء وتحليلات ... آراء وتحليلات ... آراء
وتحليلات ... آراء وتحليلات ... آراء وتحليلات... آراء وتحليلات ...آراء وتحليلات
اعتقالات الإخوان والقضية الفلسطينية
بقلم: عبده مصطفى دسوقي
ما زال مسلسل الاعتقالات في صفوف الإخوان بمصر وغيرها من الدول قائمًا كلما
تحركت صفوفهم نصرةً ونفرةً من أجل فلسطين التي لا تحتاج لنفرة الإخوان فحسب، بل
لنفرة العالم كله للتصدي لما يحدث لها من انتهاكات صهيونية سواء انتهاكات تدميرية
ضد المقدسات الموجودة على أراض فلسطين ويحاول المحتل اغتصابها، أو انتهاكات ضد
الشعب الأعزل الذي لا حول له ولا قوة إلا بالله، أو انتهاكات ضد الأخضر واليابس.
فمنذ مؤتمر بازل بسويسرا عام 1897م والكيان الصهيوني وضع إستراتيجية لطمس
الهوية الإسلامية بفلسطين وطرد شعبها منه وهدم كل المقدسات، معتبرًا أن فلسطين أرض
صهيونية، وهو ما يخالف الحقيقة قلبًا وقالبًا، والكل يعلم ذلك بمن فيهم اليهود
أنفسهم غير أن السلطة والسطوة والاستبداد الذي يعيش فيها حكام العرب والمسلمين
أضاعت هذه البلاد، وارتمت هي في أحضان اليهود.
لقد ازداد طغيان أحفاد القردة والخنزير بسبب تخاذل الحكام المسلمين وحرصهم على
أنفسهم ومصالحهم الشخصية أكثر من حرصهم على مجتمعاتهم وأوطانهم؛ ولذا أصبحت
الأوطان مباحةً لكل مَن أراد أن ينهش لحمها.
لقد أضاع هؤلاء الحكام الأوطان، وذللوا الطريق لخدمة المخطط الأمريكي الصهيوني
سواء بالسكوت على هذه الانتهاكات أو إسكات كل صوت على الأقل يطالب بعمل شيء من أجل
كرامة الأوطان، وما مسلسل الاعتقالات في مصر وخارجها للإخوان إلا تذليل لما يقوم
به اليهود ضد مقدساتنا وشعوبنا، والأدهى أنهم أيضًا يقومون في بلاد أعالي نهر
النيل بمحاولة إذلال الشعب المصري ولم يعترض أحدٌ من الحكومة.
لقد عمل الإخوان منذ نشأة جماعتهم على حل قضية فلسطين حلاًّ يتفق مع وجهة
النظر الإسلامية، ويؤدي إلى سلامة هذا الجزء من الوطن العربي- وهو منه بمثابة
القلب من الجسد- وإلى المحافظة كل المحافظة على أن يظل إسلاميًّا خالصًا، وإلى دفع
العدوان اليهودي وذبِّ السياسة الدولية عنه بكل الوسائل.
فلقد رفض الإخوان المحاولات التي طُرحت “للتفاوض” أو “للتقسيم”؛ بدءًا من عام
1936- 1937م حتى عام 1947- 1948م، وكان من أول أسباب الرفض أن كل المحاولات
تضمَّنت دعوة اليهود وعصاباتهم كطرفٍ في القضية؛ فلقد انطلق الإخوان المسلمون في
تعاملهم مع القضية الفلسطينية من حقيقة أساسية؛ جوهرها أن أرض فلسطين هي أرض
إسلامية، وقفٌ على المسلمين جميعًا حتى تقوم الساعة؛ يحرم التنازل عن شبر واحد من
ثراها مهما كانت الضغوط؛ فهي بالتالي أمانةٌ في أعناق أجيال المسلمين، جيلاً بعد
جيل حتى يرث الله سبحانه وتعالى الأرض ومن عليها، وأن قضية فلسطين هي قضية العالم
الإسلامي بأسره، وهي ميزان كرامته ومقياس هيبته وقوته، كما حدد ذلك الإمام البنا
رحمه الله، وأقرَّ بذلك جميع الجماعات والهيئات والمؤسسات الإسلامية منذ بدء هذا
الصراع.
لقد بدأ اهتمام الإخوان بقضية فلسطين منذ المؤتمر الإسلامي الأول في بيت
المقدس في الفترة من 27 رجب إلى 7 شعبان 1350هـ الموافق 8/12 إلى 18/12/1931م؛ حيث
أرسل الإمام الشهيد برسالة إلى مفتي فلسطين الحاج أمين الحسيني تتضمَّن تصور
الإخوان المسلمين لحل القضية.
وفي عام 1936م تعرَّض الإمام البنا وبعض الإخوان للاعتقال بسبب توزيع كتاب “الدمار
والنار” الذي يفضح ما يقوم به اليهود والإنجليز ضد الفلسطينيين، ثم كانت جهود
الإخوان في حرب 1948م، والتي على إثرها حلت الجماعة وقُتل مرشدها واعتقل أفرادها
بمن فيهم المجاهدين على أرض فلسطين.
ومع ذلك لم يغفل الإخوان في أي بلدٍ هذه القضية حتى داخل فلسطين، فكانت حركة
حماس التي تمثل الإخوان في فلسطين وما قامت به وما تتعرض له من قِبل اليهود وحكومة
رام الله من اضطهادات واعتقالات.
ما دامت قضية فلسطين قائمةً دون حل فلن يغفلها الإخوان مهما تغيَّرت الحكومات،
ومهما قدموا في سبيلها من اعتقالاتٍ وتضحيات، وإن كانت ليست قضية فلسطين فحسب التي
يعتني بها الإخوان بل قضايا الأمة كاملةً، ولم يتاجر الإخوان يومًا بقضايا الأمة،
ولم يدفعهم لقضاء زهرة حياتهم خلف الأسوار ابتغاءَ مغنمٍ أو مغرمٍ، لكنها الأهداف
والمبادئ التي تربَّى عليها كل فردٍ في جماعة الإخوان المسلمين، وسيظل ثابتًا على
هذه المبادئ ما دامت موافقةً لشرع الله.
*********
بقلم: الشيخ/ محمد عبد الله الخطيب- من علماء الأزهر الشريف
الصحوة الإسلامية وما تملكها من وسائل ربانية ورثتها عن
الأنبياء والرسل..
منذ سنوات وقف أحد العلماء العاملين يقول: الناس رجلان: رجل
استيقظ في الظلام ورجل نام في النور.
وهذا كلام كله حق وواقع، فمنذ أكثر من مائة سنة تقريبًا
استيقظ الغرب في الظلام، لا مصباح بيده، ولا أنوار تضيء له الطريق، لكنه رغم
الظلام أخذ يعمل ويجرِّب ويبتكر، ويغيِّر ويبدِّل في أمر المادة في جميع شئون
الحياة، فاستطاع أن ينتقل إلى عالم البخار، وأن ينشئ المطابع والمصانع، وأن يطوِّر
ما عنده من سلاح حتى وصل إلى ما وصل إليه اليوم.
أما الرجل الذي نام في النور فهم المسلمون؛ فقد تكاسلوا
وقعدوا وتواكلوا، إلا من رحم الله وهم قليل، بينما هم في منطقة النبوات والرسل،
وبيدهم المصباح المنير، والتاريخ الناصع الحافل بالبطولات، بيدهم المصابيح التي
أضاءها من سبقوهم على الدرب، لكنها لم تغنِ عنهم شيئًا، وهذا ما صوَّره الشاعر
المسلم وهو يقول:
استرشد الغرب بالماضي
فأرشده ونحن كان لنا ماضٍ نسيناه
ويقول آخر وهو يوصي الحاج الذي يزور مهبط الوحي ومصدر النور،
ومصانع الرجال الأفذاذ، يوصيه بقوله:
فقل لرسول الله يا خير مرسل أبُثَّك ما تدري من الحسرات
شعوبك في شرق البلاد وغربها كأصحاب كهف في عميق سبات
بأيمانهم نوران ذكر
وسنة
فما بالهم في حالك الظلمات؟!
وفي وسط هذا الظلام قامت الصحوة الإسلامية ترفع في يد القرآن
الكريم كمنهج رباني فريد لإخراج العالم من الظلمات إلى النور، وفي اليد الأخرى سنة
الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، وتنادي بالعودة إلى منهج الله وإلى سنة رسوله
صلى الله عليه وسلم، بالعودة إلى الربانية الخالصة بالعودة إلى التسامي بالنفس
الإنسانية ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9)
وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (10)﴾ (الشمس)، وبالعودة إلى اليقين
باليوم الآخر وإلى اليقين بعقيدة الجزاء، وبإعلان الأخوَّة العالمية بين الناس
جميعًا، وإلى النهوض بالرجل والمرأة جميعًا، وإلى إعلان التكافل والمساواة بينهما،
وتحديد مهمة كل منهما تحديدًا دقيقًا، وإلى تأمين المجتمع بتقرير حق الحياة والملك
والعمل والصحة والحرية والعلم، والأمن والأمان لكل فرد، وتحديد موارد الكسب، وضبط
الغريزتين؛ غريزة حفظ النفس وغريزة حفظ النوع، وتنظيم مطالب الفم والبطن، والشدة
في محاربة الجرائم الأصلية، وتأكيد وحدة الأمة والقضاء على كل مظاهر التفرقة
وأسبابها، وإلزام الأمة بالجهاد في سبيل مبادئ الحق التي جاء بها هذا النظام
واعتبار الدولة ممثلةً للفكرة وقائمةً على حمايتها ومسئولة عن تحقيق أهدافها في
المجتمع الخاص، وإبلاغها إلى الناس جميعًا (راجع رسالة بين الأمس واليوم) بتصرف.
استيقظ بعض المسلمين على هذا الصوت.. الصوت الحبيب.. صوت
الصحوة الإسلامية يدعوهم إلى العودة إلى هذا الذي ذكرناه، وإلى كل كلمة نطق بها
الوحي، وإلى كل جملة قالها صلى الله عليه وسلم، وفتح الأبواب والنوافذ على ما قدمه
الإسلام لإصلاح الإنسانية كلها كما ذكرنا، فرحَّب واستبشر من هداه الله وشرح صدره
للإيمان، وسار في الطريق رغم الأشواك والعقبات وما زال يسير، وحمل الراية وما زال
يحملها، وآمن بالإسلام دينًا ودولةً، وعبادةً وقيادةً، وشريعةً وقانونًا، وامتلأت
القلوب من جديد بحب الله ورسوله، وبعشق رسالته وسيرة نبيه صلى الله عليه وسلم.
ونرجو أن يستيقظ يومًا ليلحق بالركب وليسعد بهذا الدين إن شاء
الله.
رصيد فريد لا مثيل له بين الأمم
إن الرصيد الذي يملكه المسلمون بالأمس واليوم والغد رصيدٌ
ضخمٌ، رصيدٌ قويٌّ؛ هو الحق، والحق على مدار التاريخ غالبٌ لا مغلوب، ومنتصرٌ لم
يعرف الهزيمة، قال تعالى: ﴿بَلْ نَقْذِفُ
بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمْ
الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ (18)﴾ (الأنبياء).
إن هذا الرصيد من شأنه أن يجعل هذه الأمة- لو استيقظت- تخطُّ
في التاريخ البشري بإذن الله خطًّا جديدًا موصولاً بخط السلف الصالح عليهم
الرضوان، وهو التمكين لدين الله وشريعته ومنهجه على الأرض، وقد وعدنا الحق تبارك
وتعالى إن صدقنا وآمنَّا حقًّا، وعملنا بهذا؛ فقال: ﴿الَّذِينَ
إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ
وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنْ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ
الأُمُورِ (41)﴾ (الحج).
إن من رصيد هذه الأمة المذخور طويَّة هذه الأمة وفطرتها التي
فطرها الله عليها، وهي بحمد الله لا تزال يلمؤها الشوق والحنين والتطلع إلى نصرة
دينها، والتسابق إلى مسح دموع أبناء الشهداء والمظلومين، وإن الإحساس بالتقصير
ليملأ أقطار جميع النفوس، وهذا دليل الإيمان؛ فإن كلمة الحق لا تزال أقوى في حياة
المسلمين من كل هذه الدنيا وما فيها من أشكال وألوان؛ فبمجرد أن تصدر هذه الكلمة
صادقةً خالصةً تسيل دموع، وتتحرك مشاعر، ويربو الإيمان، وصدق الله العظيم إذ يقول:
﴿لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ
مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ إِلاَّ كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى
الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ
إِلاَّ فِي ضَلالٍ (14)﴾ (الرعد).
وإن من رصيد هذه الأمة المذخور عظمة الرسالة التي تحملها وهي
رسالة النور والخير.. رسالة الحق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه،
وهي رسالة العدل الذي لا يعرف الظلم أبدًا، وهي بذلك تجد طريقها إلى القلوب
والعقول باسم الله، حتى ولو تعدَّدت ألوان الضلال والفساد والظلم الذي غشي الناس
في كل اتجاه.
ومن رصيدها أيضًا هذا الشباب الطاهر البريء الصادق العفيف
الذي أقبل على ربه إقبال المؤمنين، واستجاب لدعوته لا في بلد بعينه، ولا في أمة
بمفردها.. إنه نورٌ شاع في القلوب، وأضاء للبصيرة.. إنه يتمثل قول الإمام البنا
رحمه الله: “هذا أنا.. أنا ورقة بيضاء، ناصعة البياض لم يمسسْها سوء بإذن الله،
أرجو أن يتم الله عليَّ نعمته فألقى الله وأنا على هذه الطهارة، وأن يرزقني الله
أيضًا الموتة الطاهرة وهي الشهادة، أنا من ضوء محمد صلى الله عليه وسلم، وعلى ضوء
محمد أسير، وهذا سرُّ ما يدركني من نجاح فهو من توفيق الله وحده، إن توفيقي من
الله، فالمجهود ليس لي وحدي، ولكنه مجهود جند الله المجهولين ﴿وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاَّ هُوَ﴾
(المدثر: من الآية 31).
هذا الشباب الطاهر الذي أعطى دعوته أغلى وأعزَّ ما يملك، ففطم
نفسه عن شهواتها، وبذل لها وقته وماله، وفكره ودمه، فلم تعُد تزيده الأيام إلا
رشادًا ونقاءً وصفاءً وعزمًا وإصرارًا.
ومن رصيدها الظمأ النفسي والقلق الدائم الذي يعانيه المسلمون..
لقد سئم الناس من الهبوط والتدلِّي، وعافت نفوسهم الانحطاط في الأخلاق، والخراب في
الذمم، وبدءوا يتطلعون إلى الهواء النقي، والحياة الكريمة الفاضلة وهي لا توجد إلا
في ظل شريعة الإسلام؛ فهو الشفاء والدواء والسعادة والطمأنينة.
أيها الأحباب خلف القضبان...
شاء الله عزَّ وجلَّ أن تكونوا موضع اختبار وامتحان وتكريم من
الله عز وجل، وهو العليم بالقلوب وما فيها وقد جاء في الحديث: “يُبتلى الرجل على قدر دينه؛ فإن كان في دينه صلابة زيد له في
البلاء حتى يمشي على الأرض وليس عليه خطيئة”.
إن لسان حالكم يقول بصراحة كما قال من سبقوكم بالإيمان: “ماذا
يفعل الأعداء بي؟ إن قتلي شهادة، وإن سجني خلوة، وإن نفيي سياحة”.
إن ظواهر الأمور تختلف عن بواطنها؛ فما يُرى في الظاهر شدةً
وضيقًا وألمًا قد يكون في حقيقته عين الرحمة والسعادة، وما قصة أهل الكهف منا
ببعيد، وما واقعة سيدنا موسى عليه السلام مع الخضر منا ببعيد أيضًا فلنرجع إلى
القرآن، وما قصة مؤمن آل ياسين في اللحظة التي كان يعبُر فيها إلى الآخرة يسمع
المنادى يقول له ﴿قِيلَ ادْخُلْ
الْجَنَّةَ﴾ (يس: من الآية 26) منا ببعيد؛ أي فوز هذا وأي عظمة تلك،
وفي نفس الوقت ينطق وهو في البرزخ بطبيعة المؤمن الذي لا يكره حتى من آذاه فيقول ﴿قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ (26) بِمَا
غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنْ الْمُكْرَمِينَ (27)﴾ (يس)!!.
إنه وهو يخطو إلى الجنة يذكِّر الحيارى، يذكِّر التائهين،
يذكِّر الذين ظلموه وقتلوه، ويتمنَّى أن قومه هؤلاء يعرفون سبب المغفرة وسبب
النجاة من النار.
والمؤمن الشهيد عند الله غالٍ كريم، ينتقم الله له من أعدائه،
فيأخذهم جميعًا انتقامًا له، واسمع إلى باقي الآيات.. ﴿وَمَا
أَنزَلْنَا عَلَى قَوْمِهِ مِنْ بَعْدِهِ مِنْ جُندٍ مِنْ السَّمَاءِ وَمَا كُنَّا
مُنزِلِينَ (28) إِنْ كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ
(29) يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ كَانُوا
بِهِ يَسْتَهْزِئُون (30)﴾ (يس).
يقول المفسرون: كان عدد الذين آذوا مؤمن آل ياسين عشرة آلاف،
فبعد أن نفَّذوا فعلتهم الشنعاء، صاح عليهم جبريل عليهم السلام صيحةً واحدةً فخمدت
هذه النفوس التي دأبت على الشر وآذت المؤمنين، وقتلت رجلاً يقول لهم ﴿إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ (25)﴾
(يس)، فلم يسمعوا، لكنهم تمادوا حتى وصل الأمر إلى استشهاده فاستحقوا هذا المصير،
فمن كان يسير منهم في الطريق خمد في مكانه ومن كان نائمًا خمد في نومه إلى الأبد،
ومن كان يقضي حاجته خمد على هذه الصورة، أين هذا الذين نزل بهم من الذي نزل بمؤمن
آل ياسين من تكريم؛ تفتح له أبواب الجنة وينادي: ادخل الجنة، هلم إلى الفردوس
الأعلى.. امرح مع الحور العين.
وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ يقول: “إن أرواح الشهداء في جوف طيور خضر ترد الجنة فتأكل من ثمارها
وتشرب من مائها ثم تأوي إلى قناديل معلقة تحت العرش فتبيت فيها”.
أيها الأحباب.. أما أولادكم، أما زوجاتكم، أما أهلكم جميعًا،
فهم أمانة لا في ذمة مخلوق- وماذا يملك المخلوق الضعيف؟!- إنهم جميعًا في ذمة قيوم
السماوات والأرض الذي نسأله سبحانه أن نكون جميعًا في حفظه وفي كنفه وفي رعايته..
إنه نعم المولى ونعم النصير.
*********
إقصاء
الإخوان .... مخاطر وتداعيات!!..
أ/ محمد
السروجي - مدير المركز المصري للدراسات والتنمية
بفكر تجاري بحت يحتكر
نظام الحكم المصري المشهد العام بسلطاته التشريعية والتنفيذية والقضائية
والإعلامية، وبفكر بوليسي بحت يتعامل النظام بسياسة القمع والإجبار، وفي
كلتا الحالتين تم اختزال مصر القديرة الكبيرة في شخوص أقرب ما يكونوا إلى الأقزام
على مستوى الفكر والممارسة وصار الخلاف معهم أو معارضتهم خلاف مع مصر وإساءة
لسمعتها ونيل من أمنها وسيادتها، بهذا الفكر العقيم يتم التعامل مع الإخوان
المسلمين الفصيل السياسي الأكبر والأفعل على الساحة المصرية ، حيث الإقصاء السياسي
والإضرار الاقتصادي والقمع الأمني، بل تم استحداث صناعة جديدة كبديل للذراع الأمني
وهي فرق البلطجة”مجموعة من الأشقياء ضحايا النظام الفاشل الفاسد “ تظهر في مواسم
بعينها منها الانتخابات والفاعليات الجماهيرية ، تقتل وتجرح وترهب المعارضين بصفة
عامة و الإخوان بصفة خاصة ، في هذه الأجواء تناول بعض المهتمين بالشأن العام
خطورة إقصاء
الإخوان في جملة من المخاطر والتداعيات منها :
** حرمان مصر من كفاءات
وجهود مئات الآلاف من المصريين الوطنيين الشرفاء في كافة مجالات العمل السياسي
والاقتصادي والاجتماعي والعلمي والبحثي ...
** تضاءل فرص المؤمنين
بالممارسات السلمية والعلنية وظهور تيارات سرية تشكل خطورة على الأمن القومي
المصري والتجارب خير شاهد
** ترسيخ مفاهيم وقيم
السلبية واللامبالاة والانزواء يأساً من الإصلاح وطلباً للسلامة
** إضعاف الولاء
والانتماء لعدد غير قليل من الشباب المصري الوطني الذي يرى أن هذا النظام لا يمثله
بل يعصف بالمعارضين خاصة الإسلاميين
** إضعاف مكانة مصر
إقليمياً ودولياً وهو ما حدث بالفعل في الغياب المصري في قارة إفريقيا ودول
المنطقة وظهور دور اكثر فاعلية لدول أقل حجماً وثقلاً وتاريخاً
** تهديد الاستثمار
المحلي والعربي والأجنبي بسبب الإضرار الاقتصادي المتعمد بمشروعات وشركات أفراد
الجماعة رغم سلامة مراكزها المالية والقانونية
** تشويه صورة مصر خاصة
في مجالات الشفافية والنزاهة وحقوق الإنسان
** سيادة نمط الاستبداد
السياسي والمالي والإداري وهيمنة الفساد على كل مؤسسات الدولة
** انشغال النظام
بمؤسساته وأجهزته بملاحقة الجماعة عن القيام بالأدوار والمهام الشرعية والوظيفية
وهو ما انعكس سلباً على حياة المصريين في كافة المجالات خاصة المعيشية
** ترويع وتفزيع الرأي
العام المصري من ممارسة حقوقه السياسية بسبب القمع الأمني الممارس ضد أفراد
الجماعة
** تآكل الرصيد
الميداني؛ لكل أطياف المعارضة المصرية والعودة بالنضال السياسي المصري إلى نقطة
الصفر
وأخيراً.... من مصلحة
مصر الدولة أن يمارس الإخوان العمل المجتمعي السياسي والدعوي ، كحق شرعي
ودستوري، فضلا عن كونهم بوتقة لذوي الاتجاهات الإسلامية وإلا فالبديل تجارب قاسية
ومؤلمة نسأل الله ألا تعود .. .... حفظك الله يا مصر ...
*********
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وعلى أله وصحبه أجمعين
والله أكبر ولله الحمد