بسم الله الرحمن الرحيم

صفحتنا بيضاء نقية أبية

هجمــــة

صفر 1431هـ / فبراير 2010 م

 

(( ثابتون على الطريق ))

(( بفضل الله تعالى ))

24 من صفر1431هـ - 8 فبراير 2010 م

 

" ومالنا ألا نتوكل على الله ، وقد هدانا سبلنا ، ولنصبرن على ما آذيتمونا وعلى الله فليتوكل المؤمنون "

سورة إبراهيم 12

*******

بيان من الإخوان المسلمين

عن الهجمة الأمنية الشرسة على أعضاء الجماعة

فى الوقت الذى يعانى فيه الشعب المصرى من ممارسات النظام الفجة ومن الفساد الذى انتشر ومن التخلف والانسداد السياسى، والتراجع غير المسبوق فى الخدمات، وغير ذلك من المشاكل التى تعصف بأمن الوطن والمواطنين، فوجئنا باعتقال أجهزة الأمن المصرية لعدد من قيادات الإخوان فجر اليوم الإثنين 8 فبراير 2010م علي رأسهم الأستاذ الدكتور محمود عزت نائب فضيلة المرشد العام والدكتور عصام العريان والاستاذ الدكتور عبد الرحمن البر عضوا مكتب الإرشاد، فضلا عن مداهمة منزل الدكتور محي حامد ـ عضو مكتب الإرشاد ـ واعتقال عدد آخر من الإخوان المشهود لهم بالكفاءة في مجالات عملهم المختلفة وبأسلوب همجى بربرى لترويع الآمنين من الأطفال والزوجات والأمهات ليتم تغييبهم خلف القضبان لا لشيء إلا لأنهم ينادون بالإصلاح وإطلاق الحريات ويحملون منهجا وسطا تحتاجه مصر في هذه المرحلة أكثر من أي وقت مضي.

ويؤكد الإخوان المسلمون أن هذه الاعتقالات لن تثنيهم عن طريقهم الذي اختاروه من أجل نهضة الوطن وإعلاء شأنه، وانهم مستمرون في نضالهم بكافة السبل السلمية المتاحة من أجل إطلاق الحريات ومواجهة الفساد ومحاربة الاستبداد.

ويتساءل الإخوان المسلمون الآن عن علاقة هذه الاعتقالات بما يدبر الآن لقضية فلسطين وبدعم الإخوان الدائم للمقاومين ولأهل غزة المحاصرين وبما سوف تشهده مصر من حراك سياسي متوقع في المرحلة المقبلة من انتخابات برلمانية وانتخابات رئاسية يجري الإعداد لها من الآن.

والإخوان المسلمون يطالبون بالإفراج الفوري عن هؤلاء المعتقلين، ومن سبقوهم سواء ممن يقضون عقوبة ظالمة نتيجة محاكمات عسكرية جائرة أو من اعتقلوا ظلما لمواقفهم الإصلاحية، وان يحل مكانهم عتاة الفساد الذين نهبوا ثروات مصر وخربوا مستقبلها.

كما يدعو الإخوان مختلف القوي السياسية ومنظمات حقوق الإنسان والمجتمع المدني بأن يقوموا بدورهم المنوط بهم في وقف تغول النظام الحاكم واستخدامه لإمكانيات الدولة الأمنية والإعلامية لتنفيذ مصالح أفراده ومحاربة خصومه، وهو ما يخدم أعداء الأمة المتربصين بها، ويدعم المخطط الأمريكي الصهيوني لافتعال الفتن والأزمات داخل مصر لمحاصرة دورها العربي والإقليمي الهام في المنطقة، وفى هذا السياق نذكر أصحاب الأقلام المغرضة بما اتهموا الجماعة به من صفقات بينها وبين النظام، فأين الصفقات إذا كان هذا هو الحال .

إن الممارسات العدوانية التى يقوم بها النظام والتى تضر بأمن الوطن الداخلى والخارجى وتسيئ إلى سمعة مصر فى العالم، هذه الممارسات لن تزيد الإخوان المسلمين إلا قوة وثباتًا واستمرارا فى القيام بدورهم الوطنى بالمنهج السلمى وبالنضال الدستورى المستمر مهما كانت التضحيات ( وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ)

( وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ)

والله أكبر ولله الحمد

الإخوان المسلمون

القاهرة فى : 24 من صفر 1431هـ - 8 من فبراير 2010م

*******

2009م.. أرقام قياسية في اعتقالات الإخوان

يعدُّ عام 2009م بلا منازع عامَ الأرقام القياسية في الحملات التي شنَّتها الأجهزة الأمنية ضد قيادات وأعضاء جماعة الإخوان المسلمين؛ حيث بلغ إجمالي عدد المقبوض عليهم خلال هذا العام نحو 5032، بزيادة قدرها عن عام 2008م، في حين بلغ عددهم 2669 معتقلاً ومحبوسًا في عام 2007م وازداد إلى 3674 في عام 2008م.

ولم تتوانَ وزارة الداخلية طيلة العام في ممارسة هوايتها المفضَّلة في تحدي أحكام القضاء، وأصدرت مئات القرارات باعتقال الإخوان، على الرغم من حصولهم على أحكام قضائية واجبة النفاذ برَّأتهم من التهم التي نسبتها إليهم النيابة.

واتسمت حملات الاعتقال في صفوف الجماعة بارتباطها بتفاعل الإخوان مع القضايا المصيرية، سواء الداخلية أو تلك المتعلقة بالقضايا الكبرى للأمة، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.

تهمة غزة!

ولعل هذا ما وضح مع بدايات 2009م، والتي تزامنت مع العدوان الصهيوني الشرس على قطاع غزة؛ حيث انتفض الشعب المصري، وفي المقدَّمة منه جموع الإخوان، تنديدًا بالمجزرة الصهيونية واستنكارًا للدور المصري الرسمي الذي بدا متواطئًا إلى حدٍّ كبيرٍ خلال العدوان الذي استمر 22 يومًا.

وحشدت الأجهزة الأمنية جحافل قوات الأمن المركزي والقوات الخاصة للتصدي لمظاهرات الغضب التي عمَّت ميادين القاهرة ومعظم محافظات الجمهورية، وكانت النتيجة اعتقال أكثر من 400 متظاهر خلال ساعات قليلة، أفرج عن معظمهم فيما بعد.

ولم يكتفِ الأمن في ذلك الوقت باعتقال المشاركين في التظاهرات وامتدَّت يده لاعتقال رموز الإغاثة ومساعدة الشعب الفلسطيني، فدَهمت منازل 14 من قيادات الإخوان بالمحافظات، واعتقلتهم فجر الجمعة 2 يناير 2009م بعد دعوة فضيلة المرشد العام للإخوان جماهير الشعب المصري للخروج في مظاهرات الغضب من أجل غزة.

وواصلت الأجهزة الأمنية خلال شهرَي يناير وفبراير حملاتها التي طالت العشرات من الإخوان في جميع المحافظات، حتى كان يوم 3 مارس 2009م؛ حيث شنَّت أجهزة الأمن حملة دهم واسعة طالت 19 من قيادات الإخوان بمحافظات القاهرة والجيزة والإسكندرية والدقهلية وكفر الشيخ والإسماعيلية والمنوفية والشرقية وأسيوط؛ بتهمة مساندة غزة.

التنظيم الدولي

وشكَّل يوم 14 مايو من العام نفسه لحظةً فارقةً في تاريخ التعسفات الأمنية ضد الإخوان؛ حيث شهد هذا اليوم اعتقال 13 من قيادات الجماعة بالمحافظات، في مقدمتهم الدكتور أسامة نصر عضو مكتب الإرشاد، وكانت هذه بدايةَ مسرحية هزلية جديدة أخرجها النظام المصري؛ حيث جرى اتهام مجموعة من أشرف رموز مصر، من أطباء ومهندسين وأساتذة جامعات، بتهم باطلة ترتبط جميعها بدور هؤلاء في مساعدة الشعب الفلسطيني المحاصر في غزة، وذلك في القضية (404 لسنة 2009م حصر أمن دولة عليا) والتي عُرفت إعلاميًّا بقضية "التنظيم الدولي للإخوان".

وتزامنت بدايات تلك القضية مع بدء فعاليات مناصرة المسجد الأقصى المبارك، وسط الاعتداءات الصهيونية المتكررة عليه، والأخطار التي باتت محدقةً به، ولم يفوِّتْ الأمن الفرصة في شنِّ هجمات متتالية استهدفت عشرات الإخوان في المحافظات.

وفي 19 يونيو كان د. محمود حسين عضو مكتب الإرشاد و10 من قيادات الإخوان بالصعيد على موعد مع حملة جديدة، لم يراعِ الأمن في التعامل معها الحالةَ الصحيةَ السيئةَ التي يعاني منها المعتقلون، فضلاً عن إجراء معظمهم عمليات جراحية خطيرة، واحتجازهم في ظروف غاية في السوء، واعتقلوا مرتين متتاليتين وأفرج عنهم بعدها بشهور.

وفي 28 من نفس الشهر كان الإخوان على موعد مع حلقة ثانية من حلقات القضية (404)، والتي تمثلت في اعتقال د. عبد المنعم أبو الفتوح أمين عام اتحاد الأطباء العرب ود. جمال عبد السلام مقرر لجنة القدس بالاتحاد؛ نظرًا لمجهوداتهما في دعم القضية الفلسطينية، وتقديم يد العون لإخواننا المحاصرين في غزة، بالإضافة إلى اعتقال 4 آخرين من قيادات الإخوان.

وتواصلت بعد تلك الحملة الهمجية ردودُ الأفعال الغاضبة عربيًّا وعالميًّا من مختلف الهيئات والمنظمات والأفراد، فيما ضمَّت نيابة أمن الدولة العليا بعد ذلك 7 من قيادات الإخوان بالمحافظات إلى القضية التي أرَّقت الرأي العام، وأسهمت العديد من وسائل الإعلام القومية والخاصة في تضخيمها وإعطائها أكبر من حجمها، الأمر الذي أكده المراقبون منذ بداية القضية وحتى بدأت طلاسمها في التفكُّك، وظهر جليًّا للجميع أن النظام أساء التصرف منذ البداية، وذلك عندما بدأت الإفراجات عن المعتقلين في القضية وتوالت خلال شهرَي أكتوبر ونوفمبر الماضيين، بعد استنفاد معظمهم لفترة الحبس الاحتياطي، وعدم ثبوت أيٍّ من التهم ضدهم.

حملات متكررة

وفي 19 أغسطس شنَّت أجهزة الأمن حملةً أمنيةً جديدةً استهدفت 8 من قيادات الإخوان بالقاهرة والجيزة؛ في مقدمتهم السيد نزيلي مسئول المكتب الإداري لإخوان الجيزة؛ أفرج عن آخرهم يوم وقفة عيد الأضحى المبارك.

وفي إطار استهداف الأمن قيادات الإخوان بالمحافظات شنَّ جهاز مباحث أمن الدولة بالبحيرة حملةً شرسةً في 26 سبتمبر؛ أسفرت عن اعتقال محمد سويدان مسئول المكتب الإداري لإخوان المحافظة، و11 من القيادات، من بينهم د. جمال حشمت عضو مجلس الشعب السابق.

تلت تلك الحملة حملة أخرى على قيادات الإخوان بمحافظة الشرقية أسفرت عن اعتقال 15، بينهم الدكتور السيد عبد الحميد عضو مجلس الشعب السابق عن دائرة أبو كبير.

جمعة الغضب

وشهد يوم الجمعة 10 أكتوبر انتفاضة غضب ببعض المحافظات ضد استمرار الاعتداءات الصهيونية على المسجد الأقصى ومخططات تهويد مدينة القدس، واعتقل الأمن خلال مظاهرات التضامن بمحافظات الشرقية والبحيرة والفيوم والسويس نحو 40 متضامنًا، وتضاعف هذا العدد من محافظة الشرقية وحدها بعد أيام من تنظيم إخوان الشرقية وقفاتٍ احتجاجيةً شارك فيها أكثر من 20 ألف مواطن بمراكز المحافظة المختلفة.

وخلال الأسبوعين الأخيرين من شهر أكتوبر شنَّت أجهزة الأمن بمحافظة الدقهلية حملةَ دهم واسعة، طالت 65 من إخوان المحافظة، أفرج عن معظمهم وصدرت قرارات اعتقال بحق الآخرين.

العسكرية

وشهدت الأيام الأخيرة من عام 2009م عودة نخبة مميزة وصفوة من أبناء مصر المخلصين إلى ديارهم، بعد قضاء مدة عقوبتهم كاملة (3 سنوات) في المحكمة العسكرية للإخوان، فيما ينتظر 4 آخرون إطلاق سراحهم خلال أسبوعين في يناير 2010م.

وجاء إطلاق سراح المجموعة بعد سجال طويل شهدته أروقة المحاكم المختلفة، بين قضاء إداري وإدارية عليا وأمور مستعجلة، اصطدمت خلالها محاولات هيئة الدفاع المتكررة لنَيل حقوق هؤلاء بحائط التعسف والتعنُّت الحكومي وتحدي أحكام القضاء والاستشكال أمام دوائر غير مختصة.

فيما رفضت محكمة النقض العسكرية في 17 نوفمبر الطعن الذي تقدَّمت به هيئة الدفاع ضد حكم المحكمة العسكرية العليا في 15 أبريل 2008م؛ بحبس المهندس خيرت الشاطر النائب الثاني للمرشد العام للإخوان المسلمين، و17 من قيادات الإخوان.

البحيرة

وفضحت عملية اعتقال 26 من إخوان محافظة البحيرة في مايو 2009م ممارسات أجهزة الأمن وإهدارها كرامة المواطن المصري، وذلك من خلال سلسلة من الأحداث المتلاحقة بحق فارس بركات، أحد أفراد المجموعة، التي بدأت من لحظة إلقاء ضابط أمن الدولة له من الدور الرابع أثناء الاعتقال، أصيب خلالها بكسور في مختلف أجزاء جسده وتهتُّك في أمعائه، ثم رفض النيابة إجراء جراحة عاجلة له، واعتبار الضابط الذي ألقاه شاهدًا ضده!.

السويس

وشهدت محافظة السويس خلال عام 2009م تعاملاً أمنيًّا وقضائيًّا فريدًا ضد معتقلي الإخوان، بدأ منذ اعتقال 35 من إخوان المحافظة يومي 20 و21 أغسطس، أصدرت الداخلية بعدها أمرَ اعتقال لاثنين منهما؛ أطلق سراحهما بعد ذلك، فيما تواصلت معاناة الـ33 الآخرين.

فبعد تجديد حبسهم 15 يومًا ثلاث مرات متتالية، قررت محكمة جنح مستأنف السويس في 15 أكتوبر حبسهم لمدة 45 يومًا، تلتها محكمة الجنايات في رفض استئناف هيئة الدفاع وتأييد قرار الحبس، وفي تلك الجلسة منعت أجهزة الأمن أهالي المحتجزين من إدخال الطعام والشراب لهم داخل حجز المحكمة، على الرغم من قدوم الغالبية العظمى منهم من سجون بعيدة، كبرج العرب ودمنهور ووادي النطرون، فضلاً عن منع وجبات مصلحة السجون، فيما ينتظرون رحلة عودة إلى السجون تستغرق ساعاتٍ طويلةً.

جاء ذلك بعد قرار تعسفي بإجراء عمليات ترحيل واسعة ونقل 24 من المجموعة إلى 3 سجون بعيدة عن أمكان سكنهم؛ الأمر الذي أثار استياء الأهالي وضاعف من معاناتهم.

وشهد يوم 25 نوفمبر فصلاً آخر من فصول النعسف الأمني، حينما اعتدت قوات الأمن على العشرات من أهالي المحتجزين؛ ما أدَّى إلى مشادَّات ومشاحنات كلامية، تطوَّرت إلى حدِّ الاشتباك بالأيدي، واعتداء الأمن على بعض الأهالي الذين حضروا أمام محكمة جنح مستأنف السويس، التي شهدت تجديد حبس المجموعة 45 يومًا للمرة الثانية على التوالي!.

 

*******

 
اعتقالات الإخوان تتصدر الصحف ووكالات الأنباء

تصدَّر خبر اعتقال قيادات الإخوان المسلمين فجر اليوم الإثنين (8 فبراير) عناوين وكالات الأنباء العالمية والمصرية؛ حيث تصدرت صور الدكتور محمود عزت نائب فضيلة المرشد العام والدكتور عصام العريان والدكتور عبد الرحمن البر عضوي مكتب الإرشاد واجهة المواقع الإلكترونية لوكالات الأنباء.

وتصدر الخبر موقع (BBC) العربية الذي اكتفى بنشر الخبر منقولاً عن موقع (إخوان أون لاين)، وهو الأمر الذي تكرر بموقع (CNN) العربي، ووكالة الأنباء الفرنسية (AFP).

فيما نشر موقع (الجزيرة) الإلكتروني الخبر مصحوبًا بتعليق من الدكتور جمال نصار أحد قيادات الإخوان الذي ندَّد بحملة الاعتقالات، وقال إنها تستهدف خيرة أبناء مصر من أساتذة جامعات ومعلمين وأطباء ومهندسين ورجال أعمال، وإن ذلك سيؤثر على سمعة البلاد، كما تصدر الخبر قناتها الإخبارية على مدار الساعات الماضية.

أما وكالة الأنباء (رويترز) والتي نسبت الخبر للموقع الرسمي للجماعة، فقالت إن هذه الاعتقالات تدخل تحت التصعيد المستمر لحملة بدأت بعد الانتخابات التشريعية التي أُجريت عام 2005م، والتي فازت فيها الجماعة بخمسة مقاعد في مجلس الشعب، وشملت الحملة ألوفًا من الأعضاء الذين أُلقي القبض عليهم لفترات طويلة أحيانًا.

وقالت إن الحملة الأخيرة جاءت قبيل انتخابات التجديد النصفي لمجلس الشورى، والتي يخوضها أعضاء الجماعة بصفة مستقلين، تفاديًا للحظر المفروض عليها.

كما تصدر خبر الاعتقالات وكالات الأنباء والصحف: (روسيا اليوم) و(الإمارات اليوم) و(إيلاف) و(محيط) و(إسلام أون لاين)، فيما نشر الخبر في مصر موقع (مصراوي) وصحف (اليوم السابع) و(الشروق) و(المصري اليوم) وعلى مواقعهم الإلكترونية.

*******

اعتقالات 8 فبراير.. نماذج إخوانية مضيئة

طالت حملة الاعتقالات الشرسة فجر اليوم الإثنين 8 فبراير 2010م عددًا من قيادات الإخوان المسلمين، شملت الأستاذ الدكتور محمود عزت نائب فضيلة المرشد العام، والدكتور عصام العريان عضو مكتب الإرشاد، ود. عبد الرحمن البر أستاذ علم الحديث في جامعة الأزهر وعضو مكتب الإرشاد، وعددًا آخر من قيادات الإخوان البارزين في محافظات مصر، وهذه إطلالة سريعة للتعريف بالمعتقلين...

د. محمود عزت

تاريخ ومحل الميلاد: 13/8/1944م القاهرة.

* العمل: أستاذ بكلية الطب جامعة الزقازيق.

* الحالة الاجتماعية: متزوج، وله خمسة أولاد.

* حصل على بكالوريوس الطب حتى عام 75، والماجستير 1980م، والدكتوراه عام 1985م.

* اعتُقل ستةَ أشهُر على ذمة التحقيق في قضية الإخوان المعروفة بقضية (سلسبيل)، وأُفرِج عنه في مايو سنة 1993م.

* وفي عام 95 حُكِم عليه بخمس سنواتٍ لمشاركته في انتخابات مجلس شورى الجماعة، واختياره عضوًا في مكتب الإرشاد، وخرج عام 2000م.

* نائب رئيس مجلس إدارة الجمعية الطبية الإسلامية.

* اختير عضوًا في مكتب الإرشاد سنة 1981م.

د. عصام العريان

تاريخ الميلاد: 28 أبريل 1954م.

الحالة الاجتماعية: متزوج وله أربعة أولاد.

العمل: اختصاصي الباثولوجيا الإكلينيكية (تخصص أمراض الدم والتحاليل الطبية)، وأمين صندوق نقابة الأطباء.

تولى مسئولية القسم السياسي لجماعة الإخوان المسلمين من عام 2004 وحتى 2009م وعضو مكتب الإرشاد منذ عام 2009م.

* عضو مؤسس للنشاط الطلابي الإسلامي في جامعة القاهرة وجامعات مصر في السبعينيات من القرن العشرين.

* حُكم عليه بالسجن في محاكمة عسكرية استثنائية لمدة خمس سنوات من يناير 1995م وحتى يناير 2000م.

* اعتقل في شهر مايو 2005م، وأُفرج عنه قبيل الانتخابات البرلمانية.

* اعتقل صباح يوم الخميس 18 مايو 2006م ضمن مظاهرات استقلال القضاة بالقاهرة، حتى تمَّ الإفراج عنه يوم 10 ديسمبر 2006م.

* اعتقل في يوليو 2007م، وأفرج عنه في أكتوبر من نفس العام.

د. عبد الرحمن البر

تاريخ الميلاد: شهر محرم 1383هـ= 14 يونية 1963م.

الحالة الاجتماعية: متزوج وله 5 أبناء.

العمل: أستاذ في قسم الحديث وعلومه بكلية أصول الدين والدعوة بالمنصورة.

- عمل معيدًا في قسم الحديث وعلومه بكلية أصول الدين والدعوة بالمنصورة عام 1985م، ثم مدرسًا مساعدًا بنفس القسم والكلية (عام 1989م)، ومدرسًا بنفس القسم والكلية (عام 1993م)، ثم أستاذًا مساعدًا بنفس القسم والكلية (عام 1998م)، فأستاذ بنفس القسم والكلية (عام 2004م) حتى الآن.

- أُعير للعمل أستاذًا مساعدًا في كلية الشريعة وأصول الدين بأبها بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية من (عام 1996م) حتى (عام 2002م).

- أشرف على عددٍ من رسائل الماجستير والدكتوراه، وناقش عددًا آخر في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالسعودية وجامعة الأزهر بمصر.

- تعدَّى دوره الدعوي مصر؛ وانتخب عضوًا في مجلس إدارة جمعية جبهة علماء الأزهر (عام 1995م)، واشترك في هيئة كبار العلماء بالجمعية الشرعية للعاملين بالكتاب والسنة المحمدية، ودرَّس في معاهد إعداد الدعاة بالجمعية الشرعية وبوزارة الأوقاف المصرية، ويمارس الخطابة والدعوة في المساجد منذ (عام 1980م).

اعتقل في 6 أكتوبر 2008م مع 9 آخرين على ذمة القضية التي عُرِفَت بـ"تنظيم الفضائيات".

د. محمد سعد عليوة

- مواليد محافظة المنصورة عام 1955م.

- خريج كلية الطب جامعة القاهرة، وحصل على الدكتوراه في تخصص المسالك البولية.

- رئيس قسم المسالك البولية بمستشفى بولاق الدكرور.

- لديه 4 أولاد هم: مروة: خريجة كلية الصيدلة، وياسر: خريج نظم معلومات، وسمية: طالبة بكلية الإعلام، وآلاء: طالبة بالمرحلة الثانوية.

- تم اعتقاله وإحالته إلى المحكمة العسكرية في قضية الإخوان الشهيرة عام 1995م وقضى في السجن ثلاث سنوات ظلمًا.

وأُعيد اعتقاله، وإحالته إلى المحكمة العسكرية في قضية النقابات المهنية الشهيرة، وحكمت المحكمة العسكرية لصالحه بالبراءة بعد أن قضى في الحبس 13 شهرًا.

وأُعيد اعتقاله في مارس 2005م خلال تعديل المادة 76 من الدستور، وظل رهن الاعتقال لمدة ثلاثة أشهر.

كما اعتقل في 13 مارس 2007م ضمن مجموعة الدكتور محمود غزلان، وقد أُفرج عنه لتدهور حالته الصحية وقتها.

وكان آخر اعتقال له عام 2009م على خلفية قضية "التنظيم الدولي" للإخوان، وأفرج عنه في نوفمبر الماضي.

د. محمد عبد الغني

- مواليد 25 مايو 1952 بالزقازيق محافظة الشرقية

- حاصل على بكالوريوس الطب والجراحة من جامعة الزقازيق عام 1978م.

- استشاري الرمد بمستشفى الزقازيق العام، انتخب رئيسًا للمجلس المحلي للمحافظة عام 1992م.

- اعتُقل 8 مرات في أعوام: 87، 95 عسكرية، 2000، 2005، 2006، 2007، 2009، 2010م وله من الأبناء 6: أحمد نهائي كلية الهندسة، بالإضافة إلى خمس من البنات.

وليد شلبي

- مواليد: 1/1/1964م.

- عمل مدرسًا للغة الإنجليزية في مصر والسعودية في الفترة من 1988 إلى 2002م، ثم بوزارة الأشغال السعودية من 2002 إلى 2005م، وأشرف على قسم الدعوة بموقع (إخوان أون لاين) منذ 2006م وله كتابات فكرية ودعوية.

- متزوج ورزقه الله بأربعة أولاد: عمرو طالب جامعي، وفاطمة (14 عامًا)- الصف الثالث الإعدادي، وأسماء (10 أعوام)- الخامس الابتدائي، وخالد (6 أعوام).

- اعتُقل مرتين خلال عام 2007م، كما اعتقل في القضية التي عرفت إعلاميًّا بقضية "التنظيم الدولي" للإخوان المسلمين، وحصل فيها على حكم قضائي بالإفراج عنه.

د. علي عبد الرحيم

- مواليد 26 يناير 1953م، ويعمل أستاذًا للهندسة بجامعة أسيوط.

- حصل على الدكتوراه من جامعة طوكيو باليابان، ويعمل استشاريًّا في الري والهيدروكس بالعديد من الشركات.

- شغل منصب أمين عام نقابة المهندسين بأسيوط حتى فرض الحراسة، واعتُقل في القضية التي عُرفت إعلاميًّا بـ"قضية النقابيين"، وأُفرج عنه بعد اعتقال دام 14 شهرًا!.

- متزوج، ورزقه الله ببنت وولدين هم: مها خريجة كلية آداب، أحمد طالب بكلية الهندسة، ومصطفى طالب بكلية الهندسة.

خلف ثابت هريدي

- مواليد 1953م، وأحد رجالات التربية والتعليم، وله نشاط دعوي بارز وخطيب.

- له نشاط بر وتكافل في المحافظة، ومن أوائل الإخوان الذين خاضوا انتخابات المحليات في أسيوط.

- اعتقل 7 مرات آخرها العام الماضي أثناء انتخابات المحليات.

مسعد السيد علي قطب

- مهندس وصاحب شركة أجهزة طبية.

- متزوج ورزقه الله بـ4 أولاد: خالد طالب بكلية الهندسة، أسماء طالبة بكلية الآداب قسم إعلام، هند طالبة بالصف الثالث الثانوي، عمر بالتعليم الابتدائي.

- اعتُقل أكثر من مرة، كان آخرها في القضية التي عرفت إعلاميًّا بـ"قضية التنظيم الدولي" للإخوان المسلمين، وحصل فيها على حكم قضائي بالإفراج عنه.

د. إيهاب إبراهيم

- مواليد مركز البدرشين بمحافظة الجيزة في 25 فبراير 1968م.

- مدرس المسالك البولية في مستشفيات جامعة الزقازيق.

- حصل على بكالوريوس الطب والجراحة من جامعة الزقازيق عام 1991م، ودرجة الماجستير في المسالك البولية، ثم درجة الدكتوراه عام 2003م.

- متزوج ولديه من الأبناء 4: عاصم بالصف الثاني الثانوي، وعمر بالصف الأول الثانوي، وهاجر بالصف الخامس الابتدائي، وإبراهيم بالصف الأول الابتدائي.

اعتُقل في السنة الأخيرة من دراسته في كلية الطب، كما اعتُقل عام 1995م لمدة شهرين.

*******

إدانة حقوقية واسعة ضد اعتقالات الإخوان

أعربت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان عن قلقها البالغ إزاء تصاعد وتيرة الحملات البوليسية ضد أعضاء وقيادات الإخوان المسلمين، والتي كان آخرها اليوم اعتقال الدكتور محمود عزت نائب فضيلة المرشد العام للجماعة، والدكتور عصام العريان وعبد الرحمن عبد البر عضوي مكتب الإرشاد، و12 من قيادات الجماعة بالمحافظات، مطالبةً بضرورة الإفراج الفوري عنهم، ووقف انتهاكات الحكومة للحق في الحرية والأمان الشخصي المكفول بمقتضَى الدستور والمواثيق الدولية المعنية بحقوق الإنسان.

 ودعا حافظ أبو سعدة الأمين العام للمنظمة إلى ضرورة الإفراج الفوري عن معتقلي الإخوان، وكافة المعتقلين السياسيين، ورفع حالة الطوارئ، والتي لا تتماشى مع دعاوى الإصلاح، والعودة إلى الشرعية الدستورية والقانون الطبيعي.

وشدَّد على أهمية التزام السلطات المصرية بتعهداتها بشأن الإصلاح السياسي والدستوري، وكذلك الوفاء بالتزاماتها بموجب تصديقها على المواثيق الدولية المعنية بحقوق الإنسان، وضرورة إدماج القوى السياسية المختلفة في نسيج المجتمع المصري ومشاركتها في العملية السياسية، وإطلاق حرية تكوين الأحزاب لكافة القوى السياسية، بغض النظر عن انتماءاتها الفكرية، وإطلاق حريتها أيضًا في الحضور على الساحة السياسية.

 

من جانبها أدانت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان- والتي تضمُّ عشرات المنظمات في الوطن العربي، اعتقال مجموعة من خِيرة أساتذة الجامعات والعلماء، مشيرةً إلى أن اعتقالهم لمجرد انتمائهم للإخوان يجعلهم ضمن قائمة سجناء الضمير في مصر.

وشدَّدت الشبكة على عدم قانونية تلك الاعتقالات، التي تنسف حق أيِّ مواطن في الانتماء لأي فكرٍ أو تيارٍ سياسي أو ديني، طالما لم تصدر منه ممارسةٌ تخالف القانون، مطالبةً أجهزة الأمن بأن تعلن أسباب اعتقالهم وأي جريمة قد اقترفوها، "بعيدًا عن الاتهامات المُلَّفَّقة؛ من عينة الانتماء لجماعة مُشكَّلة على خلاف القانون، وغيرها من الاتهامات التي باتت مدعاةً للسخرية والتهكم".

 

كما أدانت لجنتا الحريات بنقابتي المحامين والصحفيين حملة الاعتقالات الشرسة التي طالت فجر اليوم عددًا من قيادات الإخوان المسلمين؛ على رأسهم الأستاذ الدكتور محمود عزت نائب فضيلة المرشد العام، ود. عصام العريان عضو مكتب الإرشاد، ود. عبد الرحمن البر أستاذ علم الحديث في جامعة الأزهر وعضو مكتب الإرشاد.

وقال محمد الدماطي مقرر لجنة الحريات: ندين بقوة هذه الاعتقالات التي يستهدف بها جهاز أمن الدولة شخصيات سياسية لها وزنها من جماعة الإخوان المسلمين؛ بغرض قصقصة ريش الإخوان"، على حد تعبيره.

وأكد الدماطي أن هذا الاستهداف لن يكون له جدوى، ولن يجدي مع الجماعة التي لها وزن وثقل في الشارع المصري الذي منحها 88 نائبًا في الانتخابات البرلمانية الماضية.

وأضاف جمال تاج الدين أمين عام اللجنة أن الاجتماع القادم للجنة سوف يتم فيه مناقشة هذا التجاوز الخطير في حق أكبر فصيل سياسي في مصر، مؤكدًا أن هذه الاعتقالات تكشف السياسة الممنهجة لمواجهة الإصلاحيين في مصر الذين يحاولون إصلاح ما أفسده النظام على مدار 25 سنةً ويزيد.

ووصف محمد عبد القدوس مقرر لجنة الحريات بنقابة الصحفيين الاعتقالات بأنه "إجرام بكل المقاييس وجريمة ضد الحريات، مؤكدًا أنه رد من الحكومة على الإخوان بعد الانتخابات الأخيرة، وبداية لتزوير الانتخابات البرلمانية المقبلة".

وأضاف أن ما تم اليوم يكشف أن العقلية القديمة تصر على التعامل مع التطورات السياسية ومستقبل مصر، رغم أن مثل هذه العقليات انتهت في معظم بلدان العالم عدا مصر، وهو ما يؤكد أن مصر تحتاج للتغيير.

وأشار عبد القدوس إلى أن المجتمع المدني في اختبار بعد هذه الاعتقالات، ويجب إظهار دوره ومواجهة هذا العنف الحكومي ضد القوى السياسية في مصر في هذا التوقيت الحساس.

*******


الشريط الإخباري.... الشريط الإخباري... الشريط الإخباري.... الشريط الإخباري.... الشريط الإخباري.... الشريط الإخباري

المرشد الرابع لجماعة الإخوان المسلمين

السيد محمد حامد أبو النصر

رحمه الله

هو الأستاذ محمد حامد أبو النصر، ولد في مدينة "منفلوط" التابعة لمحافظة أسيوط يوم 6 من ربيع الآخر 1331ه الموافق 25-2-1913م، وهو سليل أسرة كريمة تتصل بالشيخ علي أحمد أبوالنصر، من رواد الحركة الأدبية بمصر، وهو عالم أزهري شارك في التجهيز للثورة العرابية حتى قرر الخديوي توفيق تحديد إقامته في منزله بمنفلوط، ثم تخلّص منه بدس السم له فمات سنة 1880م، إذ كان من المعروف أن الشنق للعلماء يثير غضب الشعب على حكامه، وأسرة أبوالنصر تنحدر أصولها من نسل الإمام علي رضي الله عنه.

وقد تلقى الأستاذ محمد حامد أبوالنصر تعليمه في المدارس، وحصل على شهادة الكفاءة سنة 1933م، وكان متميزاً في بداية عمره بالمشاركة الاجتماعية، والعمل الإسلامي، حيث كان عضواً في جمعية الإصلاح الاجتماعي في منفلوط، وعضواً في جمعية الشبان المسلمين سنة 1933م.

الانتماء للجماعة

انضم إلى الإخوان المسلمين سنة 1934م، واختير عضواً في مكتب الإرشاد العام، وكانت بداية تعرفه على الإخوان من خلال صديقه الشيخ محمود سويلم الواعظ الأزهري، الذي كان يحدثه كثيراً عن الإمام الشهيد حسن البنا ، وعن جهاده في سبيل رفعة الإسلام والمسلمين، وحين أخبره صديقه محمد عبدالكريم بوجود الإمام الشهيد حسن البنا بجميعة الشبان المسلمين في "أسيوط" كلمه هاتفياً ودعاه لزيارة "منفلوط" فزارها في اليوم التالي، وألقى محاضرة، ثم انتقل إلى دار أبي النصر، وكان عهد وكانت بيعة... ومنذ ذلك الحين التفَّ مجموعة من الشباب حول الإمام البنا في منفلوط، فكانت شعبة الإخوان المسلمين التي زارها الإمام الشهيد حسن البنا، وسجَّل العبارة التالية: "دعوتنا قصة من قصص القرآن الكريم، فيها عبرة وعظة وهداية ونور، إن بدت اليوم أحدوثة في أفواه الناس، فهي في الغد حقيقة في مجتمعاتهم، وفي دار الأرقم بن أبي الأرقم نبتت الدعوة الأولى، وفي هذه الدار يعيد التاريخ سيرته، ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون".

وقد تدرَّج في مواقع المسؤولية من نائب شعبة منفلوط حتى أصبح عضواً في الهيئة التأسيسية "مجلس الشورى العام" ثم عضواً في مكتب الإرشاد العام للجماعة، وقد تعرض للاعتقال والسجن وحكم عليه في أحداث عام 1954م بالأشغال الشاقة المؤبدة (25 عاماً)، قضى عشرين عاماً منها صامداً كالجبل، صلباً لا يتزحزح، قوياً لا تلين له قناة، حتى خرج من السجن منتصف عام 1974م، ليواصل عطاءه وجهاده لرفع راية الإسلام، وظل وفياً لدعوته وقيادته حتى اختير مرشداً عاماً للجماعة، خلفاً للمرشد الثالث الأستاذ عمر التلمساني ، وكان ذلك في شهر مايو 1986م.

وفي عهده كان ترسيخ الوجود الفعلي في العديد من النقابات المهنية، ونوادي هيئات التدريس الجامعية، والجمعيات الأهلية، وخاضت الجماعة الانتخابات البرلمانية في أبريل سنة 1987م، متحالفة مع حزبي العمل والأحرار، حيث نجح 36 نائباً إخوانياً في تلك الانتخابات، كما كان له دوره الفاعل والمؤثر على الساحة العربية والإسلامية، في الوقوف إلى جانب الكويت حين الاعتداء عليها، وبذل الجهود للإصلاح بين قادة المجاهدين الأفغان الذين سعى إليهم في بيشاور مع الأستاذ مصطفى مشهور نائبه، والأستاذ إبراهيم شرف، برفقة الشيخ خليل الحامدي سكرتير أمير الجماعة الإسلامية بباكستان، وكانت جهوداً موفقة مباركة، بالإضافة إلى التركيز على تكثير القيادات الدعوية في أوساط الشباب، وجماهير الناس، لتنهض بتبعة حمل الدعوة، وتبليغها للناس داخل القرى والمدن والمحافظات في القطر المصري.

مواقف على طريق الدعوة

"أثناء سفري مع الإمام الشهيد حسن البنا في القطار لم يحضر محصّل التذاكر إلينا، ولم يطلب ثمن أجرة الركوب، وقد سألني الإمام الشهيد: هل جاء "الكمساري"؟ وهل أعطاك التذاكر؟ .. فقلت: لم يحضر بعد.

فقال: إذن لابد من ندائه وإعطائه الأجرة، فناديت "الكمساري"، وطلبت منه التذاكر فقال: "أنا عارف يا سيدي.. وأنا شايف ضروري يعني؟ خليها على الله دي شركة أجنبية" ... فسمعه الإمام الشهيد وقال: لابد أن تأخذ ثمن التذكرتين وشكر الله لك.

وفي سنة 1942م، أعلن الإمام الشهيد حسن البنا ، ترشيح نفسه نائباً عن دائرة الإسماعيلية، بناء على رغبة الإخوان، فطلب النحاس باشا من فضيلة الأستاذ البنا التنازل عن الترشيح، استجابة لضغوط الإنجليز الذين لا قبل للحكومة بمعارضتهم!! وحين طرح الأمر على الهيئة التأسيسية "مجلس الشورى"، تبلور الحوار عن وجهتي نظر، إحداهما عدم التنازل عن الترشيح، ويمثل الأغلبية، والأخرى ترك الأمر لفضيلة الإمام حسن البنا على اعتبار أنها مسألة شخصية، وعلى هذا فقد آثر التنازل عن الترشيح، فأحدث ذلك اضطراباً في صفوف الإخوان، فمنهم الموافق ومنهم المعارض، فقلت: إن التنازل مسألة انتهت ولكني أرجو مستقبلاً أن ينزل فضيلة المرشد العام على رأي الأغلبية مهما كانت النتيجة، فاتصل بي الإمام الشهيد هاتفياً وقال: بأنه سوف يأخذ بقرارات الأغلبية مهما كانت الظروف.

بعد حركة الضباط، دعاني الضابط عبدالناصر ومعي فضيلة الشيخ محمد فرغلي لتناول الإفطار في منزله بمنشية البكري في الساعة السادسة صباحاً، وقد قال عبدالناصر: نريد أن نعمل على إزالة آثار العوائق التي وقعت بين قيادة الإخوان وقيادة الحركة، ونريد البحث في مسألة إصلاح الأزهر، وقد لاحظت أنه لوّح بإشارات إسناد مشيخة الأزهر للشيخ فرغلي، كما لاحظت أنه وجه الدعوة لكلينا، باعتبارنا وإياه نحن الثلاثة من محافظة أسيوط، فكأنه يريد استقطاب إخوان أسيوط حوله ضد قيادة الإخوان، فلم يفلح، وكان نصيب الشيخ محمد فرغلي الإعدام شنقاً، وحكم عليَّ بالأشغال الشاقة المؤبدة.

وفي يوم الجمعة 19-11-1954م، فوجئت حوالي الساعة الخامسة صباحاً بقوة كبيرة من خمسين جندياً وخمسة ضباط من قوات الجيش والبوليس يقتحمون منزلي للتفتيش، وقد طلب مني مأمور المركز الاستقالة من الإخوان حتى يتمكن المحافظ من الحيلولة دون تقديمي للمحاكمة، فرفضت ذلك بإباء وقلت لهم: لا يمكن، لأنني حين التحقت بهذه الجماعة كنت رجلاً موفور العقل، وأعرف تماماًً العقبات التي سوف تحدث في طريق تحقيق مبادئ الإسلام، وما زلت على عهدي وصدق ارتباطي بالجماعة والحمد لله، وبعدها جرى اعتقالنا في السجون، ومورس التعذيب على الإخوان جميعاً بأقسى ألوانه، وفي يوم السبت 27-11-1954م، نقلنا من السجن إلى محكمة الشعب، وكانت مشكَّلة من جمال سالم، رئيساً، وأنور السادات، عضو اليمين، وحسين الشافعي، عضو اليسار، وبعد مناقشات هزلية من رئيس المحكمة، انتهت الجلسة، وحدد يوم 4-12-1954م للنطق بالحكم، فرجعنا إلى السجن الحربي، وكان التحقيق والعذاب، ثم الموعد المحدد للنطق بالحكم، ذهبنا إلى المحكمة لسماع النطق بالحكم، حيث حكم بالإعدام شنقاً على: عبدالقادر عودة، ومحمد فرغلي، وإبراهيم الطيب، ويوسف طلعت، وهنداوي دوير، ومحمود عبداللطيف، وحكم على فضيلة المرشد حسن الهضيبي بالمؤبد بدل الإعدام، وبالأشغال الشاقة المؤبدة على عبدالعزيز عطية، وحسين كمال الدين، ومنير دلة، وصالح أبورقيق، ومحمد حامد أبوالنصر، وحكم على عمر التلمساني وأحمد شريت بالسجن مدة خمس عشرة سنة".

من مواقفه

ولقد كان للأستاذ أبي النصر مواقف مشرفة من الاعتداء على الكويت وغزوها من النظام البعثي، حيث كان أول المبادرين على مستوى العالم العربي والإسلامي في استنكار ذلك الغزو يوم 2-8-1990م، بصدور بيان مكتب الإرشاد العام للإخوان المسلمين الذي أدان الغزو وطالب بالتصدي له ، وذلك قبل أن يصدر أي رد فعل من أي مسؤول أو حكومة أو منظمة على مستوى العالم العربي والإسلامي، فكان هذا الموقف من مرشد الإخوان المسلمين، الأستاذ محمد حامد أبوالنصر يرحمه الله، من الصفحات البيضاء المشرقة التي يحاول خصوم الإسلام وأعداء الإخوان تشويهها، بالإعلام الكاذب، وبكتابات المرتزقة من المأجورين من حملة الأقلام الرخيصة، ذوي النفوس المريضة، والقلوب الحاقدة، الذين يعيشون على الملق والنفاق وترويج الإشاعات وتشويه صورة الإخوان.

وكان أول بيان صدر عن الإخوان المسلمين هو في نفس يوم الغزو بتاريخ 2-8-1990م وبتوقيع الأستاذ محمد حامد أبوالنصر المرشد العام للإخوان المسلمين، وجاء فيه: "فوجئنا بالغزو العسكري العراقي للكويت، فكان هذا عملاً مروعاً ومثيراً للدهشة، ومخيباً للآمال، ولا يغيب عن الذهن أن هذا الحدث الضخم يفتح أبواب شر خطيرة وكبيرة، ويؤثر على مجريات كفاح الشعوب الإسلامية في كل الأرجاء، خاصة في فلسطين المحتلة، ويخشى أن يستغله العدو الصهيوني لتحقيق مآربه.

ونطالب دولة العراق بسحب قواتها من الكويت، وأن تمتنع عن التدخل في شؤونها"،

وبعد أكثر من أسبوع من صدور هذا البيان، أصدر فضيلة المرشد العام محمد حامد أبوالنصر بياناً آخر يوم 11-8-1990م، حين بدأت بعض الدول الاستعمارية الكبرى بالتدخل والحشد العسكري للدخول في المنطقة، وطالب بالاكتفاء بالدول العربية والإسلامية، لتتولى جيوشها طرد المحتل من الكويت، وكان هذا رأي معظم علماء الأمة وقادتها وجماهيرها التي أبدت استعدادها للتطوع مع جيوش التحرير، ولكن الدول ذات المطامع والأهداف الاستعمارية فرضت سياستها بالتدخل العسكري بقوة السلاح، لتحقيق ما تريده من أهداف في منطقة الشرق الأوسط، وقد بدت واضحة للعيان فيما بعد.

وجاء في البيان الثاني الصادر يوم 11-8-1990م ما نصه: "إن جماعة الإخوان المسلمين لا تقر استخدام القوة في العلاقات بين الدول العربية، وهي تعارض كل تدخل عسكري من دولة عربية أو مسلمة ضد دولة أخرى، وتؤكد أن الخلافات بين الدول العربية والإسلامية، يجب أن تسوّى بالوسائل السلمية، وطبقاً لأحكام الشريعة الإسلامية الغراء، التي تدين بها شعوب الأمة العربية الإسلامية، والتي هي النبراس الذي تهتدي به، والدستور الذي تخضع له عن طواعية ورضا نفس، ثم طبقاً لأحكام ميثاق جامعة الدول العربية، والقانون الدولي، وغير ذلك من المواثيق والقوانين التي تنظم العلاقات بين الدول في الكيان الدولي. وإن جماعة الإخوان المسلمين تستنكر وتعارض بكل قوة، التدخل الأمريكي ووجود القوة العسكرية الأمريكية أو غيرها من القوات الأجنبية في منطقة النزاع، وتطالب بانسحابها على الفور، فوجودها أمر مرفوض على جميع المستويات، وبكل المقاييس، ومن شأنه أن يعيد عصور الحماية والاحتلال السافرين للمنطقة".

وجاء في رسالة نائب المرشد العام الأستاذ مصطفى مشهور رحمه الله إلى المؤتمر الشعبي لأهل الكويت المنعقد في جدة في 27-10-1990م: "إن الإخوان المسلمين من أعرف الناس بدولة الكويت وشعبها المتدين المعطاء، ويقدرون أكثر من غيرهم الدور العظيم الذي قامت به الهيئات والجمعيات الخيرية في الكويت، مناصرة لإخوانهم في فلسطين ولبنان وأفغانستان وكثير من دول إفريقيا وآسيا، ولن يضيع أجر ذلك أبداً.. ولهذا كان الإخوان المسلمون أشد الناس ألماً وتأثراً إزاء عدوان العراق على الكويت، فأصدروا بيانهم في اليوم الذي وقع فيه العدوان، يدينون الاعتداء، ويطالبون بضرورة الانسحاب، والحفاظ على كيان ووجود الكويت".

كما أن المستشار مأمون الهضيبي الناطق الرسمي باسم الإخوان المسلمين صرح عبر وسائل الإعلام وشبكة التلفزيون الأمريكي CNN يوم 16-1-1991م: "إن موقفنا من أزمة الخليج تحدد في البيان الصادر صباح يوم الغزو، الذي عارضنا من خلاله الغزو العراقي، وقلنا إنه عدوان لا مبرر له من الدين أو العقل أو المصلحة، وحذرنا من النتائج السيئة التي ستترتب عليه كعمل عدواني ظالم، وطالبنا بانسحاب العراق من الكويت، وترك الكويت لأهلها، يتصرفون في شؤونهم كأي شعب حر يتصرف في بلده، كما طالبنا الدول العربية ورؤساءها أن يتصرفوا لمنع هذا العدوان، ومنع التدخل الأجنبي".

وحين طلب السفير العراقي بمصر زيارة المرشد العام محمد حامد أبوالنصر صباح الخميس 16-8-1990م، طالبه المرشد العام بضرورة انسحاب العراق من الكويت، وعودة الحكومة الشرعية، حسبما جاء في بيان الإخوان المسلمين الأول بتاريخ 2-8-1990م، وأن الإخوان ينتظرون أن يخطو العراق الخطوة نفسها التي اتخذها مع إيران، فيسحب قواته من الكويت، ومن حدود المملكة العربية السعودية.

وحين زار الدكتور عبدالرحمن العوضي وزير الدولة الكويتي برفقة سفير الكويت بمصر فضيلة المرشد العام يوم 25-8-1990م، أشاد الوزير الكويتي بوضوح وسلامة موقف جماعة الإخوان المسلمين، حسبما تضمنته البيانات والتصريحات التي صدرت عنها، واقترح معاليه مضاعفة الجهد الشعبي والجماهيري لحمل العراق على سحب قواته العسكرية من الكويت، وقد أكد الأستاذ محمد حامد أبوالنصر، المرشد العام للإخوان المسلمين، ثبات الجماعة على ما جاء في بياناتها السابقة، من إدانة الغزو العراقي للكويت الشقيق، ما أتاح فرصة التدخل الأجنبي في المنطقة، ومطالبة الجماعة بضرورة انسحاب القوات العراقية من الكويت، وضرورة انسحاب القوات الأجنبية من المنطقة، والدعوة إلى تضافر الحكومات الإسلامية عامة، والعربية منها خاصة، لتشكيل قوة مستقلة لتسهيل انسحاب القوات العراقية من الكويت، والقوات الأجنبية من المنطقة.

قالوا عنه

يقول الأستاذ عبدالله الطنطاوي: "كان من مهمات الإمام الشهيد حسن البنا رضي الله عنه وأرضاه تربية جيل من القادة العظام، وتكوين شخصياتهم تكويناً يهيئهم لحمل أثقل المسؤوليات في سائر الظروف، خاصة أيام المحن، فقد كان يعرف أن طريق الدعوة هو طريق مزروع بالألغام والأشواك من أقلها، محفوف بالمخاطر والابتلاءات.. وحتى لا يحدث فراغ في مؤسسة القيادة، وكان ما توقّعه الإمام، فقد ذهب شهيداً إلى ربه، فخلفه القائد الصلب الإمام حسن الهضيبي، ثم جاء المرشد العملاق الثالث الأستاذ التلمساني، ثم جاء المرشد الرابع، الأستاذ محمد حامد أبوالنصر، وكان من أولئك الرجال الأفذاذ الذين صحبوا الإمام الشهيد، وتربّوا على يديه المتوضئتين بنور الإيمان والعزيمة، والشموخ والصمود في وجه الأعاصير. والأستاذ المرشد الشيخ أبوالنصر كان يدّخره القدر لمتابعة المسيرة المستنيرة التي استأنفها سلفه الأستاذ التلمساني، فسار على نهجه، واستطاع بتوفيق الله ثم بجهود الفريق المتميز من الرجال الذين كانوا يحيطون به، ويعملون معه تحقيق الكثير في زمن قياسي، في سائر الميادين التي قاد الإخوان فيها، فكان لتربيته الإيمانية، والأدبية، والسياسية التي نشأ عليها في بيت عز، وأدب، ودين، وسياسة، وكرم، ولعقله الراجح، وتماهيه مع إخوانه ودعوته، ولما تميز به من رجولة وشموخ وما ينبثق عنهما من شجاعة ومروءة ونخوة، ومن ثقة بدعوته وإخوانه، وتضحية نشأ في أكنافها، فهو حفيد جدّه العالم الأزهري الثائر الذي قُتل مسموماً، لكل ذلك، وغير ذلك، وثق به قادة الإخوان وقواعدهم، ليس في مصر وحدها، بل في كل مكان فيه تنظيم إخواني، وقاد السفينة الربانية إلى شاطئ الأمان، بعد أن عصف بها طغيان الطغاة، من لدن حسين سرّي، والنقراشي، وإبراهيم عبدالهادي، إلى أطغى الطغاة العبد الخاسر.... أمضى زهرة شبابه في السجن، عشرين سنة في سجون العبد الخاسر، وقبلها، وهو صلب لا يلين، ولا يستجيب لإغراءات الطغاة مهما علت، ولا يهاب تهديداتهم ومحاكماتهم، وسياطهم.. إنه الرجل، وهم الأقزام بين يديه".

وفاتـه

في فجر يوم السبت 29-8-1416ه 20-1-1996م، توفي السيد محمد حامد أبوالنصر، المرشد العام الرابع للإخوان المسلمين، عن عمر يناهز الثالثة والثمانين عاماً، ودُفن في مقابر القطامية بمدينة نصر بالقاهرة، بجوار رفيق دربه الأستاذ عمر التلمساني، حيث شيِّع في جنازة مهيبة، شارك فيها عشرات الآلاف، رغم الحصار الأمني المكثف، والإجراءات الأمنية المشددة. رحم الله أستاذنا الجليل، وأسكنه فسيح جناته، مع الصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقاً.

*******


آراء وتحليلات.. آراء وتحليلات.. آراء وتحليلات.. آراء وتحليلات.. آراء وتحليلات.. آراء وتحليلات.. آراء وتحليلات.. آراء وتحليلات

أخيرًا.. وصل رد الحكومة

في الوقت الذي تطالب فيه معظم القوى الفاعلة في الحياة السياسية المصرية بمدِّ يد الدولة- التي غابت طويلاً- للتعاون مع الإخوان المسلمين بصفتها جماعة مستنيرة وسلمية، وتؤمن بالشورى والمؤسسية كمحددات رئيسية في حركتها، وهو ما كان واضحًا في الانتخابات الأخيرة لاختيار مكتب إرشاد جديد بل ومرشد جديد، يأتي الرد سريعًا على يد الأمن التي امتدت بالاعتقال إلى شرفاء الوطن، وعلى رأسهم نائب للمرشد، ومتحدث إعلامي للجماعة، وقيادات وكوادر، في رسالةٍ واضحةٍ تقول إن مؤسسات الدولة تأبى التعاون مع الشرفاء، وأن صالح الوطن ليس على رأس الأولويات لديها الآن!!.

إن المتابع لحركة الإخوان المسلمين منذ نشأتها وحتى الآن يلاحظ التطور الكبير في عملها وشغفها الواضح لتحقيق الخير للوطن الغالي مصر بل وللعالمين الإسلامي والعربي بشكلٍ عام؛ لإيمانها بعالمية دعوة الإسلام، وخوضها كفاحًا سلميًّا لتحرير الأوطان من القبضة الماسونيـة العالمية التي باتت تحرك مجريات الأمور في معظم البلدان؛ الأمر الذي أدَّى إلى زيادة الحرب ضدها من قِبل الحاقدين تارةً ومن الجاهلين تارةً أخرى.

لا أرى في كلامي هجومًا على أحدٍ بوصفه حاقد أو جاهل فإن الساعي لتغييب قوة شعبية ضخمة كالإخوان المسلمين من أجل حفنة مصالح شخصية لا يمكن أن ترتقي بحالٍ من الأحوال أن تكون للصالح العام فهو حاقد وجاهل ومنتفع بالفعل، فقد خاض الإخوان المسلمون الكثير من المعتركات السياسية والاجتماعية والثقافية وخرجوا منها محافظين على اتزانهم وتوازنهم، ولم تتغير مبادئهم أبدًا القائمة على الحرية والعدل، وستظل الجماعة مطالبة بتحقيقهما محليًّا وعالميًّا إلى أن يغير الله عزَّ وجلَّ الأوضاع، كما أن الجماعة محافظة على الخط السلمي الداعي للتغيير بمعنى التطوير والتحديث وليس الإطاحة، فلماذا إذًّا يأتي هذا الدور القمعي لأجهزة الأمن المصرية ضد قيادات وكوادر الجماعة؟.

هل للأمر علاقة بكشف انتخابات الإخوان الأخيرة للعوار الواضح لدى مؤسسات الدولة التي لم تعتمد مبادئ الديمقراطية التي تتشدق بها ذهابًا وإيابًا دون أن يرى المواطن المصري تحقيقها على أرض الواقع، بينما رآها جلية واضحة شفافة لدى الإخوان؟ هل يعاقب النظام المصري جماعة الإخوان كونها محترمة وتعتمد مبدأ الانتخابات الحرة لدى كافة مؤسساتها الداخلية، بينما يُترك المستبدون يعيثون في البلد فسادًا وإفسادًا؟ هل هذا رد الدولة على النداءات المستمرة للإخوان بأنها تمد يد التعاون للجميع دون شروط مسبقة إيمانًا منها بمبدأ المشاركة لا المغالبة؟

إن نظامًا هذا رده على كافة الأفعال الإيجابية لجماعة الإخوان لهو نظام مفلس وضعيف، ولا يستطيع أن يواجه الحجة بالحجة ولا الرأي بالرأي، وإنما يواجه الفكر بالقمع والتنكيل، وهي سياسة كنا نأمل جميعًا ليس كإخوان فقط، بل هو أمل القوى السياسية جميعًا أن تنتصر إرادة الخير الموجودة لدى بعض الأفراد في مؤسسات السلطة إلا أنه من الواضح أن جناح المستبدين استولى على صناعة الرأي الداخلي في تلك المؤسسات.

ولو سمح لي القائمون على النظام القمعي الحالي أن أقول لهم أن الأمر لن يتغير كثيرًا بعد هذه الإجراءات الاستثنائية فستبقى الجماعة ثابتة- بإذن الله- على مبادئها، وسيبقى الصف الإخواني يعمل في كافة المجالات مع المجتمع، وسوف تُقَرِّب هذه الأحداث الناس أكثر من الجماعة ولن تخوفهم، وسنبقى مستمرين على الدرب إلى أن يأتي الله بالفرج، وندعوا الله لكم أن تستمعوا لنداءات الحق المنادية بالمصالحة الداخلية إن كنتم تريدون الخير لمصر.

*********

ميزاننا..
للعلامة محمد الصواف

أخي في الله.. هذه رسالة لسماحة الشيخ محمد الصواف، عثرت عليها في مجلة (الأخوَّة) التي كانت تصدر في العراق، رأيت فيها من المعاني الكثيرة ما يوجب على كل مسلم يعيش من أجل دينه ويعمل لرفع راية الإسلام؛ أن يدقق في سطورها ويُمعن النظر بين كلماتها، ففيها نصائح جمَّة لا يستغني عنها مسلم صادق الإيمان في زمن كثرت فيه الفتن، حتى غدا الحليم فيها حيران.

إنها كلمات ألمح فيها نور الإسلام، وحرارة الإيمان، وصدق التجربة، وإخلاص النصيحة.. ﴿لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ﴾ (ق: من الآية 37)، أرى فيها طوق النجاة لمن يمخر في بحر الدعوة إلى الله، وفي معترك المتربصين بنا الدوائر.

يقول سماحة الشيخ رحمه الله:

أخي في الله.. يا من رضيت بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم نبيًّا ورسولاً.. اعلم أن دعوتنا كالغيث، لا يُدرى أوله خير أم آخره، ولكنها على كل حال خير كلها في الشدة والرخاء، والبأساء والضراء، ثم لا ندري فيمن يكون الخير؟ وأين هو؟ ومتى سيكون؟ ورب أخ صغير نعلمه اليوم، ونلقِّنه الدعوة- على ضعف منا وتقصير- سيكون رجلَها الأول، وبطلَها الأمثل، والقائمَ عليها قيام الصادقين المجاهدين.

من أجل هذا أوصيك أن لا تغترَّ بنفسك، ولا تزِن نفسك بالزمن الذي قضيته في دعوتك، فميزاننا دقيق، وكفَّتاه العمل المتواصل وخلوص النية لله رب العالمين ﴿وَقُلْ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (105)﴾ (التوبة).. ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ﴾ (البينة: من الآية 5).

ورب عامل اليوم خامل في الغد، والجديد السديد خير من القديم العنيد و"الْقُلُوبَ بَيْنَ أَصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ اللهِ يُقَلِّبُهَا كَيْفَ يَشَاءُ"، ورُبَّ مؤمن أمسى مؤمنًا ثم أصبح كافرًا، وربَّ كافر أضحى كافرًا ثم أمسى مؤمنًا صادقًا، والأعمال بخواتيمها.. "لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى". واسأل الله التثبيت على نهج الاستقامة، ولا تكن من الغافلين، واذكر الله قائمًا وقاعدًا وعلى جنبك.

وليكن ديدنك أن تفرغ جهدك لدعوتك، ولأن يهدي الله على يديك رجلاً واحدًا خير لك من الدنيا وما فيها، لذا فلتكن عنايتك بالفرد عظيمة، وجِهْهُ إلى الخير، ولقنه الإسلام تلقينًا، ثم رضه به، وعلمه أسلوب الدعوة إليه والصبر عليه، والإيمان التام بملكية كل واحد لهذه الدعوة، وأنها ليست مقصورة علينا معشر الإخوان، كالشمس المشرقة ترسل أشعتها على الأكواخ والقصور، والقيعان والدور، فمن استنار بها فقد هدى، ومن عمي عنها فقد ضل ضلالاً بعيدًا، ومن أخذها حينًا ثم تولى عنها، جافته وتولت عنه إلى من هو خير منه وأنفع، وأثبت منه وأصلح: ﴿وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ﴾ (محمد: من الآية 38).

ومَن استقام لها وصدق، ودعا إلى الله مخلصًا له الدين، وعمل صالحًا يرضاه الله، فقد استحق ثواب الأولى، وحسن ثواب الآخرة: ﴿فَآتَاهُمْ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (148)﴾ (آل عمران).. فادع واستقم أيها الأخ الأبرّ، ولا تتبع الهوى فيضلك عن سواء السبيل.

واعلم بأن الدعوات الخالدة تصقلها المحن، وتثبتها الهزَّات والفتن، ففيها يميز الله الخبيث من الطيب، والمفسد من المصلح، وفيها يكشف الغطاء عن النفوس والقلوب، فتظهر كما هي سافرةً بيِّنةً، لا يجللها الرياء، ولا يخفيها الادِّعاء، وعند ذاك تختار الدعوة القلوب الزكية والنفوس الأبية، فتنظمها في عقدها، وتدخرها ليوم بؤسها وشدَّتها وكريهتها، وتنفي عنها النفوس الخائرة والقلوب البائرة، وتبعد عنها عبثها وخبثها، لتنظف باطنها، وتصلح داخلها، والدعوات إنما تُؤتَى من الداخل لا من الخارج، فإذا صحَّ باطن الإنسان، نضر وجهه، وصحَّ جسمه، والعكس بالعكس تمامًا.

والدعاة إلى الله لا يهمُّهم كيدُ أعدائهم، بقدر ما يهمُّهم كيد القلوب التي تدَّعي القربى منهم، وتشتُّت الأهواء بين الجماعة الواحدة منهم، وانشغالها بنفسها عن دعوتها، وبسفاسف الأمور عن جواهرها، فهنا الطامَّة الكبرى، والمحنة العظمى، والابتلاء الأعظم، فمن خرج سليمًا من مثل هذه المحنة، فقد نجا وأفلح، ولن يسلم من مثل هذه المحن إلا من تعلم الصبر، والحلم، وبُعد النظر، وراض قلبه على الحب الخالص، والعفو الصادق، والدفع بالتي هي أحسن، وخالط الناس، وصبر على أذاهم، فتوسع صدره واتسع أفقه، وكثرت تجاربه، وزاد صفحه، فاتقى الله حق تقاته، واقتدى بهذه الخصال، بسيد الخلق، وقائد الغر المحجلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم،  فأحبه الله وأحبه الناس وكان من المقربين.. ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمْ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ﴾ (آل عمران: من الآية 31).

فسِرْ أيها الأخ على هذه الصفات إن أطقتها، وسوف تعان عليها من ربك الحبيب إلى قلبك، والذي وهبته نفسك ومالك، فهي سبيل الخير والنجاة، واصبر وصابر ورابط، واتقِ الله الذي جعلته غايتك من دعوتك، والله يثبتني وإياك بالقول الثابت في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد، والله أكبر ولله الحمد".

هذا ما كتبه العلاَّمة الصواف وكأنه يناجينا الآن، فهي القديم الجديد، وهذا شأن الحق وما اتصل به، ونضيف إليها:

أيها الأخ الحبيب:

إن الطريق طويلة، والمشاق كثيرة، والعقبة كؤود، ولا يقدر على اجتيازها إلا من تدرَّع بالفهم والإخلاص والصدق والعمل المتواصل المصحوب بالجهاد والتضحية، في ظل الجماعة، موفقًا إلى السمع والطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره، وكل ذلك ممزوج بلحمه ودمه، لا ينفك عنه حتى يلقى الله، وهو ثابت على العهد، لا يقيل ولا يستقيل.

ولا يبلغ الأخ مبلغ أصحاب الدعوات حقًّا إلا إذا كان متحليًا بلباس التجرد، وإنكار الذات وهضم النفس، وزيّن ذلك بحفظه لحق الأخوَّة وحسن الظن بهم، والثقة التامة في قيادته وإخوانه.

والمشاعر تتزاحم، ولا أحسب أن هذا الحيِّز يكفي لذا أكتفي بذلك، داعيًا المولى أن يبارك أخوَّتنا، وأن يحفظ وحدتنا، وأن يسدِّد مرشدنا، وأن يوفق قادتنا لخير الإسلام والمسلمين، وليكن شعار كل مسلم صادق الإيمان: في القدس الملتقى، في القدس الملتقى، شهادة على أعتابه، أو صلاة في رحابه، آمين آمين.

بارك الله فيكم أيها الأحباب، وسدَّد خطاكم، وأعانكم على نشر الدعوة.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

*********

لا تخافوا (الإخوان) لأنهم يخافون الله

بقلم: أحمد حسن الزيات- رحمه الله

قال لي صديق من أدباء الأقباط أعرف فيه رزانة العقل ورزانة الطبع، وقد جرنا الحديث إلى ما يكابده هذا البلد المسكين من شهوات أبطلت الحق، ونزعات قلقلت الأمن ونزعات بلبلت العقيدة: (ألم يكن من الخير لمصر ألا يكون فيها إخوان مصريون لا مسيحيون ولا مسلمون لتدوم الوحدة وتزيد الألفة؟.

لقد نقمنا من المبشرين أنهم أنبتوا في القاهرة فرعًا "لجمعية الشبان المسيحيين"، وكنا نود ألا يجاريهم في مثل ذلك الذين أنشئوا "جمعية الشبان المسلمين"؛ فإن الأمر لا بد أن يجري في الجمعيتين على حكم العصبية الدينية، وفي هذه العصبية توهين للصلات الطبيعية التي تصل المواطن بالمواطن، وإن كان هذا التوهين لا يزال ضعيف الأثر لغلبة العوامل الرياضية والثقافية على نفوس الأعضاء في هاتين الجماعتين، ولكني أصارحك ولا أداجيك أن ما نخشاه من "الإخوان المسلمين" أبعد في الأثر، وأقرب إلى الخطر مما نخشاه من أي حزب ومن أية جماعة ذلك؛ لأن الإخوان ميدانهم أوسع، ودعوتهم أسرع، ووسائلهم أنفذ، وغايتهم أبعد، إنهم يريدون حكمًا غير الحكم ودستورًا غير الدستور، ونظامًا غير النظام.

 لا أدري كيف نكون نحن إذا غلب دين واحد على دنيا مشتركة، وطُبق دستور معين على حياة مختلفة؟).

فقلت له وقد وافقته على ما رأى من قوة الإخوان ونفاذ دعايتهم وبُعد غايتهم: أنا أدري كيف تكونون، تكونون إذا ما أراد الله لحزبه أن يغلب، ولشرعه أن يحكم، ولنوره أن يتم، كما كنتم في عهد الخليفة عمر: لكم ما للمسلمين من حق، وعليكم ما عليهم من واجب، أما إذا كان قد وقع في عهود بعض الواغلين على الوادي حماقات أورثتكم هذه الوساوس، فإنما كان وقوعها ضلالاً في العقل لغيبة الهادي، وشططًا في الحكم لعطلة الدستور، وما كان الهادي الذي أغفلوه غير دين الله، ولا كان الدستور الذي عطلوه غير كتابه والعقيدة يومئذٍ كانت في أكثر الناس إيمانًا بالاسم وكفرانًا بالفعل، وأنتم اليوم أقرب إلينا وأعز علينا مما كنتم أيام الوالي عمرو؛ لأن العلاقة بينكم وبين المسلمين كانت في القرن السابع علاقة فتح وجزية، فأصبحت في القرن العشرين علائق وطن وجنس ولغة وأدب وثقافة وتاريخ.

وما أظنك تماري في أن أكثر المصريين أقباط أسلموا، وأنت لا تخشى صاحب الدين ما دام يستشعره ويستظهره ويعمل به؛ فإن الأديان جميعًا تتفرع من أصل إلهي واحد، هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

إنما تخشى من يعتقد أن إلهه في السماء وليس معه على الأرض، ومن يحسب أن غاية دينه كلمات وحركات تؤدي في كل فرض!، والإخوان المسلمون قوم تآخوا في الله، وتواصوا بالحق، وتوافوا على المحجة، وتعاونوا على البر، واستبطنوا حقيقة الدين، ودستورهم القرآن وهو بيِّن، وحكمهم الشريعة وهي سمحة، ونظامهم المحبة وهي أجمع، وغايتهم الإنسانية وهي أشمل.

والإسلام أنزله اللطيف الخبير الذي يعلم منْ خلق؛ ليكون سلامًا لكل نفس، وقوامًا لكل عمل، ونظامًا لكل جماعة، ودنياه العامة التي يحكمها وينظمها لا بد أن يكون فيها العربي والأعجمي والذِّمي والوثني.

فلا جرم أن الله يدبر بحكمته الأمر على أن يعيش هؤلاء جميعًا سعداء في ظله، وماذا نخاف من الإخوان، وهم يتلون قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (62)﴾ (البقرة).

فقال لي صديقي وقد نقع ما قلتُ نفسَه: إذا كان رأي الإسلام في المخالفين هذا الرأي، وكان (الإخوان) مسلمين بهذا المعنى، فإنا لنرجو أن يكون أساس المصريين جميعًا في البناء هذا الأساس: إيمان خالص بالله وعمل صالح للناس.

---------

* نُشر هذا المقال في العدد رقم 978 من جريدة الرسالة الموافق 31 مارس عام 1952م.

*********

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وعلى أله وصحبه أجمعين

والله أكبر ولله الحمد